بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تموز 2019 12:05ص الشيخ د. أحمد فارس في حوار حول فريضة الحج: عبادة العُمر للمُسلِم

نتعلّم من خلالها التضحية والبذل في سبيل الحق

حجم الخط
خاص «اللــــــواء الإسلامي»:


أكد الشيخ الدكتور أحمد محمد فارس، عميد كلية الشريعة بجامعة بيروت الإسلامية سابقاً والأستاذ في الجامعات اللبنانية، على أن الحج عبادة العمر، وأنه إذا كان فرض الحج قائماً على المستطيع فليت الملوك والقادة والزعماء والرؤساء - وهم في قمة المستطيعين - يلتقون في المكان الأقدس سنوياً لتتعانق أرواحهم وتتلاقى، وأضاف أن الحج يحمل في طيّاته المعاني العظيمة للبذل والوفاء عن طيب خاطر.

مشيرا إلى أنه في هذه الأيام المباركة الطيبة يشعر كل مؤمن ومؤمنة بالشوق والحنين إلى بيت الله الحرام، وإلى تلك البقعة الطاهرة، هذه أحاسيس المؤمنين، المستطيع منهم وغير المستطيع، وينبغي على المسلمين أن يخلصوا أعمالهم للرحمن، وأن يزدادوا إعتصاماً بالإسلام.

كلام د. فارس جاء خلال لقاء أجريناه معه حول الحج في مختلف جوانبه وشروطه، حيث عرض لمختلف النقاط التي تثير تساؤلات الناس حول الموضوع، مختصراً الإجابة حول مختلف جوانب قضايا الحج.

قلوب المؤمنين تتشوّق لبيت الله الحرام

{ بداية قال د. فارس أنه ما إن تهلّ أيام الحج المباركة – الحج أشهر معلومات – حتى تتجه أرواح الملايين من المسلمين في أقطار الأرض إليه، وتهفو قلوبهم إلى بيت الله العتيق، ليشهدوا منافع لهم، وتحنّ لرؤية أول بيت مبارك وضع للناس، أمان الخائف، وملاذ العائذ، والمحفوظ بحفظ الله، والذي تعاقبت على رعايته رسل الله، وإذا كانت الإنسانية قد عرفته قديماً، فإن الإسلام هذّبه، وأبطل ذميم العادات التي فرضتها فيه أعراف باطلة، ومعتقدات سقيمة، وحوّله إلى المعاني الإنسانية الكريمة، التي ترتفع فوق اعتبارات الطبقية والعنصرية والجنسية، وجعله رابطة سماوية عظمى تربط بين المسلمين في شتّى أنحاء المعمورة، بالتعاون، والتعارف، والتعاطف، والتراحم.. على ما أوصى كتابهم الكريم، فتصبح قوتهم موحّدة، لها تأثيرها العميق في نشر العدل والأمن وبث الطمأنينة والرخاء.

وأشار إلى أنه إذا كان فرض الحج على المستطيع، فليت الملوك والرؤساء، والقادة والزعماء – وهم في قمة المستطيعين – والعلماء يلتقون في المكان الأقدس سنوياً لتتعانق الأرواح، وتتلاقى الأشباح، ويزول باللقاء المخلص كل جفوة، وسوء ظن، وتتحقق الغاية المنشودة من الحج في جوّه العبق الزكي، لخير أمة أخرجت للناس ولربّها العزّة ولرسوله وللمؤمنين.

إن الحج يحمل في طيّاته معاني التضحية والبذل، والوفاء عن طيب خاطر، ويربّي الإرادة في النفس المؤمنة، وما أحوجنا إلى بناء هذه المعاني في أيامنا هذه؛ لنهيّئ في يومنا الحاسم لغدنا المشرق فنصله بماضينا المجيد.

للّه هذه المظاهر الربّانية العالمية، حتى يترك الحجاج ملابس دنياهم؛ ليرتدوا رداء تقواهم، ويرددون نشيدهم العذب النغم، وتردّده عليهم الروابي والهضبات، وكل شيء حولهم: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس أبي القاسم بيده: ما كبّر مكبّر على نشز، ولا أهلّ مهلّ على شرف من الأشراف إلاّ أهلّ ما بين يديه وكبّر».


الشيخ د. أحمد فارس

عبادة العمر


وتابع: الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ويعدّ عبادة العمر، لأن العبادات كلها تتلخص فيه. ففيه من الصلاة ومناجاة الله، والوقوف بين يديه في البيت العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، وفيه من الزكاة، وبذل المال في سبيل الله، بل فيه ترك الأموال والأعمال، والإكتفاء بالقدر اليسير منه أثناء هذه الرحلة المباركة، وفيه قبل ذلك كله الشهادتان، والإقرار والإلتزام والتلبّي «لبّيك اللهمّ لبيّك»، ولذا فإن الحج المبرور يعدّ تطهيراً من الذنوب، وتزوّداً بالكثير من الفضل، وتقوى القلوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حج فلم يرفث، ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

شروط وجوب الحج: شروط وجوب الحج سبعة: وهي إذا وجبت بتمامها وجب الحج، وإذا فقد شرط منها فلا يجب: الإسلام، العلم بالوجوب، البلوغ، العقل، الحرية، الإستطاعة، الوقت.

شروط الأداء: وهي أن وجدت بتمامها مع شروط الوجوب وجب أداؤه بنفسه، وإن فُقدَ بعضها مع تحقق شروط الوجوب فلا يجب الأداء، بل عليه الحجاج أو الإيصاء عند الموت، وهذه الشروط خمسة: سلامة البدن، أمن الطريق، عدم الحبس، وجود المحرم أو الزوج للمرأة، خلو المرأة من الموانع الشرعية (كالعادة: الحيض).

شروط صحة الأداء: شروط صحة الأداء تسعة: الإسلام، الإحرام، الزمان، المكان، التمييز، العقل، مباشرة الأفعال إلا بعذر، عدم الجماع، الأداء عند مكان الإحرام.

الأمور الواجب فعلها على من اعتزم الحج: أن يعتزم التوبة، وإخلاص النيّة، وأن يرد المظالم، والإستحلال من خصومه، ومن كل من عامله، وأن يجتهد في تحصيل نفقة حلال، فإنه لا يقبل الحج بالنفقة الحرام، وأن يجرّد سعره عند التجارة والرياء والسمعة والفخر.

وفي هذه الأيام المباركة الطيبة يشعر كل مؤمن ومؤمنة بالشوق والحنين إلى بيت الله الحرام، وإلى تلك البقعة الطاهرة، هذه أحاسيس المؤمنين، المستطيع منهم وغير المستطيع، وينبغي على المسلمين أن يخلصوا أعمالهم للرحمن، وأن يزدادوا إعتصاماً بالإسلام، {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}، كما ينبغي عليهم أن تجتمع كلمتهم على ما فيه عزّ دينهم، وسعادة أوطانهم، وأن يتوجهوا إلى الله تعالى يرجون منه أن يثبت قلوبهم بالإيمان، وأن يمدّها بقوة لا تغلبها الهزائم، والفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يتحقق لهم الحج المبرور والبعيد عن الرياء ومصالح الدنيا، فقد رُويَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَحُجُّ أَغْنِيَاؤُهُمْ لِلنُّزْهَةِ وَأَوْسَطُهُمْ لِلتِّجَارَةِ وَقُرَاؤُهُمْ للرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَفُقَرَاؤُهُمْ لِلْمَسْأَلَةِ». وكان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: «الوفد كثير، والحج قليل»، وقيل: «ما أكثر الضجيج، وما أقل الحجيج».

أخبار ذات صلة