بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 تموز 2020 12:01ص العلماء حول الأزمة المعيشية: الفقر قنبلة إذا انفجرت أصابت الجميع.. فليقمْ كل مسؤول بواجباته

حجم الخط
نعم الجوع كافر.. وكم مرّة سمعنا وتغنّينا بكفر الجوع ومرارته.. انها حقيقة لا يُمكن نكرانها..

- فالجوع لا يحمل هوية وليس له إنتماء حزبي أو سياسي..

- والجوع لا يؤمن بالديانات ولا يعترف بالمذاهب..

- والجوع لا يؤيّد ولا يعارض بل يقف على ناصية الحروب ليلتهم أشلاء من تبقّوا..

- والجوع لا يشبعه التطبيل والتزمير ولا الشعارات الواهية بل يشبعه شيء واحد محاسبة الظالمين والفاسدين وعودة الحق إلى أصحابه..

إن الجوع قد دقّ أبواب جميع اللبنانيين دون إستئذان ضارباً بعرض الحائط أنين الأطفال... وقاهراً رب الأسرة العاجز عن تأمين قوت يومه.. ويزيد حسرة المريض من عجزه عن تأمين دوائه..؟

فلماذا نعترض ما دامت بطون الزعماء تعاني التخمة فلا يهم المواطن الجائع؟!...

كيف نقضي على الجوع المستشري في مجتمعنا؟.. هذا ما سنناقشه في تحقيقنا التالي:

الكردي

بداية، قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي: إن الفقر والجوع عدوا الإنسان، ولذلك نُقل عن الإمام علي رضي الله عنه انه قال: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، ولكن الإسلام حقق الكفالة المجتمعية والتعاون بين أفراد المجتمع وفتح فرص العمل حتى لا يذلّ الإنسان نفسه لأجل الطعام والشراب والدواء، فقد جاء الرجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم وسأله «ليس عندي ما آكله» فنظر إليه الرسول  صلى الله عليه وسلم وقال عليه الصلاة والسلام: هات المتاع التي عندك في بيتك، فذهب الرجل وجاءه بقربة صغيرة وبساط بسيط وقال: هذا كل ما عندي، فقال عليه الصلاة والسلام: من يشتري هذه الأشياء؟ فقال صحابي: أنا أشتريها بدرهم، فقال الرسول  صلى الله عليه وسلم: من يزيد السعر؟، فقال رجل: أنا اشتريها بدرهمين، فقال الرسول  صلى الله عليه وسلم: بعتك، فأخذ منه الدرهمين وقال للرجل: اذهب واشترِ فأساً بدرهم، فاشترى فأساً وجاء فوضع له النبي  صلى الله عليه وسلم خشبة الفأس بيده وأعطاه درهما وقال: أشترِ بهذا الدرهم طعاماً لأهلك واذهب واحتطب ولا تريني وجهك إلا بعد أسبوع، وبعد أسبوع جاء الرجل وقال له النبي  صلى الله عليه وسلم: ماذا عندك؟ قال: احتطبت وأصبح لديّ درهمان، فقال له النبي  صلى الله عليه وسلم: هذا خير أما ما كنت عليه.

وتابع قائلاً: ولذلك مواجهة الفقر والجوع بتعاون المجتمع مع بعضه مع كامل المحبة وعدم الاستغلال سواء في السلع والأطعمة وحتى في العملة الأجنبية، فاليوم، كل مواطن مسؤول عن جوع أخيه المواطن، فلنحي سنّة التواصل المجتمعي فيما بيننا، فكل من زاد عنده طعام أو لباس فليشرك جيرانه بطعامه وثيابه وهكذا نستطيع أن نتغلب على هذه المشكلة القائمة ونعمل جميعاً بهدي كلام الله سبحانه وتعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.

واختتم قائلاً بأن كل من يضارب بالدولار هو مجرم شرعاً وقانوناً لأنه يتعدّى على الفقراء وعلى كل المواطنين بمعاشهم ورواتبهم وعلى الدولة أيضاً واجب مهم وأن تكون كل السلع وكل الحاجات التي تُباع وتشترى في هذه البلد بالعملة الوطنية ويعاقب كل من يسعّر بالعملة الأجنبية.

شحادة

أما القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة فقال: لا شك أن ما يمرُّ به لبنان والمواطن اللبناني على اختلاف انتمائه لن يسبق له مثيل من معاناة اقتصادية واجتماعية ومالية، فلم يعد هناك ثقة من المواطن بدولته وما تقوم به، حيث انها أقدمت على وعود متتالية ومتتابعة ولم تفِ بأي منها، وما زالت هناك مجموعات ولاؤها لغير الوطن، جلبت الويلات والأزمات على كاهل هذا المواطن، ولذلك انسجاماً مع الآية الكريمة التي وردت في القرآن الكريم لقوله تعالى {وليبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات * وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا للّه وإنّا إليه راجعون}، والآية التي تقول: {وضرب لهم مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، ولقد جاءهم رسول منهم فكذّبوه فآخذهم العذاب وهم ظالمون}.

ومن خلال هاتين الآيتين نرى ان هذا الزمن ينطبق عليه ما ورد فيهما، حيث اننا كنا نعيش على هذه الأرض لسنا كمواطنين لبنانيين فقط، بل بالعالم أسره في جنات ونعيم ورزق مفتوح ولكننا لم نعترف يوماً بنعم الله، لذلك عندما نفقد الوفاء لرب العالمين ونقلع عن الشكر لهذه النِعَم يأتينا العذاب أو الابتلاء والبلاء في صور مختلفة كي نتذكّر نِعَم الله علينا ونعود للشكر له لما أنعم به على هذه البشرية، هذا من ناحية أخلاقية ودينية.

وأضاف: أما ما يتعلق بالأزمة التي نعيشها في لبنان فلا يخفى على أحد أننا عالقون ومتورطون بمسؤولين لا يتحلّون بأي مسؤولية أخلاقية أو إنسانية تجاه مواطنيهم.. ولذلك وضعنا في أزمات ومطبّات اقتصادية ومالية واجتماعية بسببهم وهم المسؤولون عنها، ولكن نعود أيضاً للشعب الذي كان دمية بأيديهم وفعل ما فعل من فتن ومشاكل وحروب واشتباكات من أجل زعيمه ومرجعيته، وهو الآن يتساوى مع أخيه في الوطن بالجوع والخوف من المستقبل وقلّة الأمن، وضياع أمواله، لذلك علينا كمواطنين لبنانيين أن نعود إلى ضمائرنا، الى الحرص على مستقبل عائلاتنا وأولادنا وأن نبتعد كل البُعد عن هؤلاء المسؤولين الذين يرتهنون إلى الخارج ويعبدون المال، ولم يشعروا بالشبع حتى الآن، وما زالت أيديهم ملطخة بنهب خيرات البلد التي هي من حق الشعب اللبناني وعلى المواطن أن يعي ولا يرتهن بعد الآن لمثل هؤلاء المسؤولين.

وتابع قائلاً: إنها ليست دعوة للعصيان المدني في بلدنا بل هي دعوة للوعي لإصلاح أنفسنا أولاً وإصلاح المجتمع وتوحيد المواطنين على مطالب الإنسانية وحقوق المواطن اللبناني بالعيش الكريم وأن نبتعد كل البُعد عن الخلافات السياسية التي يختلقها هؤلاء الحاكمين كي يتلهّى الشعب بها ويحدث بينه الخلافات والفتنة والطائفية من حين لآخر كما شاهدنا في الأيام الأخيرة.

واختتم قائلاً: علينا كلبنانيين أن نعي خطورة هذه المرحلة وأن تكون مطالبنا موحّدة ولا تحييد عن المطالب بحق العيش وتأمين لقمة العيش والدواء والعلاج وتعزيز الليرة اللبنانية ومحاسبة الفاسدين في هذه الدولة فعلاً لا قولاً.

وأعود وأذكّر بما ورد في الآيتين الكريمتين اللتين ذكرتهما سابقاً اننا علينا أن نعود إلى الله تعالى ونحتكم إليه ونفوّض أمرنا له ونستغيث به بأن يعمّ علينا بالسلام والأمن والاستقرار وأن يحمي المواطن اللبناني ولبنان من رجال السوء ومن كل مكروه.