بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 شباط 2024 12:00ص العلماء عن ليلة النصف من شعبان: ليلة التجليّات وغفران السيّئات.. وموسم للضراعة والإنابة

القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي
حجم الخط
ليلة النصف من شعبان، لها أهمية خاصة في الإسلام لأنه فيها تمّ تحويل القِبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة بالعام الثاني من الهجرة، فقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه في صلاته بأمر ربه إلى بيت المقدس 16 شهراً وهو في المدينة المنورة، وكان يحب أن يتوجه في صلاته إلى المسجد الحرام فأجابه الله تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.
وليلة النصف من شعبان ليلة مباركة ورد في فضلها عدّة أحاديث; «ان الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه»، «وان الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلّا لمشرك أو مشاحن»، «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فان الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلى فأعافيه... حتى يطلع الفجر».

الكردي

بداية قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي: إن شهر شعبان يهلُّ على العالم الإسلامي بأيامه المباركة ولياليه الغرّاء، فهو شهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكثر فيه من الصيام حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شعبان حتى نقول إنه لا يفطر)، وقال صلى الله عليه وسلم (هو شهر ترفع الأعمال فيه إلى الله) وفيه ليلة النصف من شعبان... وهذه الليلة التي يتجلّى الله تعالى فيها على عباده بالرحمات وغفران السيئات واستجابة الدعوات.
وأضاف: هذه ليلة التجليّات الإلهية والإشراقات القدسية، إنها موسم الضراعة والإنابة والدعاء، فهي ليلة تجاب فيها الدعوات ، ولها منزلة سامية في نفوس المؤمنين جميعاً. ينتظرها السعداء الصالحون كل عام ليزجّوا بأرواحهم ونفوسهم بأمواج أنوارها وأصحاب الحاجات فيقفون في محراب العبادة خاشعين يرفعون أكفّهم للّه الذي لا يردّ سائلاً ولا قاصداً، يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً وكشفاً للنوازل وتفريج الكروب وللّه تعالى في خلقه خواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص.
وتابع: إن ليلة النصف من شعبان جعلها الله تعالى ميعاداً لإقالة العثرات ولهذا ينبغي على المؤمنين أن يقدّروها حق تقدير، ويغتنموا هذا الوقت المبارك... فالمؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها يفرحون بليلة النصف من شعبان لأنها ليلة من ليالي التجلّي الأعظم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «يطلع الله عزّ وجلّ إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلّا لمشرك أو مشاحن» رواه ابن ماجه، فهذه الليلة العظيمة تُعدّ ميعاداً لإعلان التآخي العام والتضامن والتواد وتلاقي القلوب على المحبة والمودّة والإخاء، ويذكّر عباده عملياً بهذه الليلة بدعاء الأنصار «ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلّاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم».
وليلة النصف من شعبان ليلة مجيدة ولها قدر عند السلف كليلة القدر والعيدين، ولقد صحّ أنه تكتب فيها الآجال والمواليد والأرزاق والحجاج من عام إلى عام، ويكفيها فضيلة أنها تذكّر كل مؤمن باقتراب شهر رمضان المبارك فليتهيّأ لصيام رمضان المبارك ولإحياء ليالي رمضان، فليلة النصف من شعبان هي فرصة لكل إنسان أن يجدّد إيمانه ويهيّئ نفسه لاستقبال شهر رمضان بطاعة وعبادة وتوبة إلى الله. ولا يسعنا بهذه الليلة المباركة إلّا الدعاء للمسلمين وخاصة أهلنا في غزة وفلسطين وأن ينصرهم نصراً عزيزاً مؤزّراً ويرفع الكرب والشدّة عنهم وينتقم من اليهود المحتلين وأعوانهم وأنصارهم لكل إجرام وإبادة وعدوان على أهلنا في غزة وفلسطين ونناشد كل ضمير حي من العرب والمسلمين وكل أحرار العالم أن توقف هذا القتال اللاإنساني الوحشي البربري الذي طاول الحجر والبشر وتعدّى كل الحرمات التي تمنع مثل هذا الإجرام والعدوان بحق الأطفال والنساء والأبرياء والشيوخ... وقد شبعنا تنديداً واستنكاراً وشجباً لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع... وهو شأن الضعفاء فقط... وليس الأقوياء أصحاب المرؤة والشهامة والإباء.

شحادة

أما القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة فقال بدوره: شهر شعبان هو شهر مميّز بأيامه والعبادة فيه والاستعداد لاستقبال شهر الخير والبركات والرحمة، وبنصفه ليلة مباركة هي ليلة النصف من شعبان ومن المميّز بها أن يتفرغ الإنسان ويترك كل ما من حوله من مشاغل وملاهٍ لقيام هذه الليلة بالتعبّد والدعاء والصلاة أملاً أن يستجيب الله عزّ وجلّ بزوال الكرب والمآسي عن هذه الأمة ويكشف هذه الغمّة عن المسلمين في أنحاء العالم ويشفي مرضى النّاس ويعمّ السلام والأمن في ربوع أوطاننا لأن من مكارم هذه الليلة ان أبواب السماء مفتوحة والدعوة صادقة مستجابة، ونتمنى من الله عزّ وجلّ أن يمنّ علينا ببركة هذه الليلة بالصحة والأمن والسلام وأن تكون بداية للعودة إليه من جميع من يخالف تعاليم دينه من مسلمين وغير مسلمين ويعودون إلى ربهم الخالق البارئ الذي جعل في كل مشكلة في هذه الدنيا حلاً وذلك بالعودة إلى كتابه وسنّة نبيه هذا من الناحية التعبّدية والإيمان بان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو حق.
وأضاف: وبهذه المناسبة نتهيّأ ونستعدّ لاستقبال شهر الرحمة والغفران بصيام النصف من شعبان ويكون تهيئة لبداية الصوم المبارك في رمضان هذا الشهر الكريم من كل عام الذي نتمنى أن يكون شهر رحمة وبركة وغفران وفيه أمن وسلام على جميع الأمة والشفاء لكل مريض وزوال لكل كرب وأن يوحد الصفوف بين المسلمين عامة وأن يمنّ علينا رب العالمين برحمته ويغدق علينا برزقه ويرحمنا برحمته.