بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 شباط 2019 12:05ص العلماء في ظل الحديث عن الزواج المدني

مشروع يتعارض مع ما قضى الله ورسوله... وينبغي التصدّي له

حجم الخط
أثار الكلام الذي أعلن مؤخرا عن مشروع الزواج المدني عاصفة من الردود عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بالمكتب الإعلامي في دار الفتوى إلى إصدار بيان أكد فيه أن موقف مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي ومجلس المفتين معروف منذ سنوات في الرفض المطلق لمشروع الزواج المدني في لبنان ومعارضته لأنه يخالف أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء جملةً وتفصيلا من ألفه الى يائه ويخالف أيضا أحكام الدستور اللبناني في ما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة منه وبالتالي لا يمكن إقراره في المجلس النيابي دون اخذ رأي وموقف دار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية في لبنان.
كما دعا المكتب الإعلامي الى عدم الخوض والقيل والقال في موضوع الزواج المدني الذي هو من اختصاص دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية المؤتمنة على دين الإسلام ومصلحة المسلمين.
ولكن ما هو رأي العلماء والدعاة في هذا الأمر..؟! ولماذا يرفضون المشروع وما هي تبريراتهم...؟! وكيف يشرحون للناس المخالفات التي يحملها هذا المشروع للشرع الاسلامي الحنيف..

الصلح 
{ بداية قال المفتي الشيخ خالد الصلح مفتي بعلبك: 
- ما يطرح من موضوع بما يسمى الزواج المدني اليوم هو أمر مرفوض ويجب علينا كدعاة ان نشرح لماذا يحرُم  الزواج المدني في الإسلام ولا يجوز تأييده، بل يفرض على كل مسلم أن يقاومه ويرفضه شرعا: فمن الناحية الشرعية هناك أسباب عديدة أبرزها وأهمها انه يتيح للمسلمة الزواج من غير المسلم وأسباب أخرى كتعارضه مع القرآن والسنة فإنه مثلاً يتعارض مع آية تحريم التبني في الاسلام حيث يسمح بالتبني {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}. 
ويتعارض مع آيات الطلاق الرجعي في القرآن الكريم في قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان} اما الزواج المدني فيسمح للزوج بتطليق زوجته مرات ومرات وبالتالي فهذا الغاء للآية: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
في حين أنه يحلل المحرم كالزواج من الام او الاخت من الرضاع ويجيز للمرأة ان تتزوج من ابنها او اخيها من الرضاع وهذا يخالف قوله تعالى في آية تحريم الزواج: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَة}.
 ويلغي آيات الميراث المذكورة في القرآن الكريم.
اما من الناحية الاجتماعية فهو يفكك الاسرة ويضرب عرض الحائط الاعراف والتقاليد التي هي ميزة الشرق الاوسط اجمالا ولبنان على وجه الخصوص. فلذلك نطالب بوقف هذا المشروع ومنعه.
دلي
{ المفتي الشيخ حسن دلي مفتي حاصبيا ومرجعيون قال:  الله سبحانه وتعالى خلق السموات والاراضين وخلق الجبال والانهار وخلق الحيوان والجماد وخلق النبات والاشجار كل ذلك من اجل الانسان الذي ميزه بالعقل وخلقه في أحسن تقويم وجعل الله تعالى من خلال ما ارسله من رسل وانزل عليهم من كتب سماوية التي فيها التعاليم ليضع الانسان على الخط المستقيم من أجل عمارة الارض والحفاظ عليها.
ومن أولى هذه التعاليم الاخلاق ووضع الله للبشر نظاما يسيرون عليه ونظم حياتهم الاجتماعية الاخلاقية الاقتصادية وجعل الله الانسان مكرما فقال تعالى ولقد كرمنا بني آدم  وانني وممن نزل من عند الله على رسله من اجل الانسان نظم حياته وكيفية بناء المجتمع من خلال تنظيم كيفية تناسله وما هو حلال ومحرم بين بني البشر  وجعل لذلك ضوابط التي هي تشريع والتشريع الالهي لا يستطيع اي انسان مهما علا شانه ومهما تبوأ من المناصب ان يفترى على الله زورا وبهتانا من اجل انه يريد تغيير ما شرعه الله خدمة لثقافته العدوانية على دين وشرع الله ونسى اولئك ان الله حافظ لهذه الشريعة مهما حاول البعض تغيير منهج الله على هذه البسيطه فقال تعالى {انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون}.
وقال: أما وأن ما نسمعه وطالعتنا به وسائل الاعلام المرئية والمسموعه والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي حول ما قيل عن فكرة العمل على اقرار الزواج المدني هذا عنوان حق أريد به باطل، فالزواج عند المسلمين ليس له طقوس وليس له اجراءات دينية معينة ليصبح الزواج قائما، فالزواج عند المسلمين قائم على الايجاب والقبول وموافقة ولي الامر وبشهادة شهود، أما الاخطر ما يندرج تحت هذا العنوان هو ما يتعرض إلى أساس العقيدة وهو إلغاء تشريع شرعه الله تعالى لجهة العدة و الارث و التبني و زواج الاخت و الام من الرضاع و زواج المسلم ممن ليس لهم دين او كتاب سماوي، إضافة إلى أن هذا الزواج المقيت الذي يريدون اقراره والذي هو خلاف الفطرة السليمة يغير قضايا الوصية والولاية على الصغار والحضانة وطريقة الانفاق والتدخل في تربية الاولاد من قبل أهلهم مما يفك عرى الاخلاق في البيت والمجتمع..
ألم يعد في هذا البلد مشكلة الا التعدي على الاحوال الشخصية للمسلمين..؟!
ألم يعد في هذا البلد سوى العمل على القضاء على دين الله من خلال تشريعات لا تأتي الا بالخسران على المجتمعات..؟!
ألم يعد في هذا البلد ما نجعل له قانونا يصلحون فيه البلاد ويمنعون الفساد والقضاء على الفاسدين..؟!
ألم يعد في هذا البلد الا قلة من جمعيات مرتهنه للفكر التدميري للمجتمعات وعلينا ان نترك شرع ربنا وما جاء به الرسل والانبياء عليهم السلام..؟!
ألم يعد في هذا البلد إلا التشريع كيف يكون الزواج وتركوا المعوز والفقير وذا الحاجه يئن جوعا وفقراً..؟!
ألم يعد ينقص هذا البلد إلا متل هذا القانون الذي يفكك الاسرة وتركوا الاهتمام بالمريض والاطفال الذين يموتون على أبواب المستشفيات..؟!
ألم يعد في هذا البلد الا من هذا القانون وتركوا التعليم وتبعاته وما يقع على كاهل الاهل من اقساط ليصل برب العائله لحرق نفسه..؟!
نحن نرفض هذا المشروع وطبعا التأييد وكل التأييد لما أعلنه سماحة مفتي الجمهورية الشيخ د. عبد اللطيف دريان في هذا الشأن.
حداد
{ بدوره قال الدكتور الشيخ أسامة حداد المفتش العام للأوقاف الإسلامية في دار الفتوى في بيان يفصل بعض أسباب تحريم الزواج اللاديني (المسمى الزواج المدني): 
١-الزواج المدني يتعارض مع آيات الطلاق الرجعي في القرآن الكريم في قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان} أما الزواج المدني فيسمح للزوج بتطليق زوجته مرات ومرات وبالتالي فهذا إلغاء لحكم الآية الكريمة: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وقد جعل الإسلام الطلاق  بيد الزوج ويمكن أن تملك الزوجة العصمة بيدها فتستطيع أن تطلق مباشرة والا فالخلع وهو حق المرأة في الطلاق عبر المحكمة الشرعية.
اما في الزواج المدني فإن الطلاق من حق القاضي المدني وليس من حق الرجل ولا المرأة  وهذا أمر خطير، وكثيراً ما      نسمع عن زوجين متحابين متناسقين أحسنا الاختيار ولكن طرأ عليهما أمر يتطلب ذلك الطلاق.
٢- يتعارض الزواج المدني كذلك مع آيات العدة في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ...} (بما يقارب ثلاثة أشهر)، أما في الزواج المدني فالعدة ٣٠٠ يوم كما تنص المادة ٣٤ من المشروع ، وتحديد العدة بـ٣٠٠ يوم عدا عن كونه مخالفاً للقرآن الكريم فإن فيه ظلم للمرأة المطلقة  التي جعل الإسلام عدتها 3 أشهر أي ما يقارب 90 يوماً.
٣- يتعارض الزواج المدني مع آية تحريم التبني في الإسلام، فالزواج المدني يسمح بالتبني وبالتالي يلغي العمل بالآية الكريمة: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}.
٤ - يسمح الزواج المدني بالزواج من الأم أو الأخت من الرضاع ويجيز للمرأة أن تتزوج من أخيها من الرضاع وهذا يخالف قوله تعالى في آية تحريم الزواج: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}.
هذه بعض الأسباب عدا عن سماحه بزواج المسلمة من غير المسلم، إضافة إلى كونه يلغي آيات الميراث والنفقة المذكورة في القرآن الكريم. 
كما أن الزواج اللاديني المدني هو تمهيد لزواج الشاذين الذي يروج له إعلاميا منذ فترة...  لذلك  فهذا الزواج اللاديني المدني محرم في الإسلام  ولا يجوز تأييده، بل يجب على كل مسلم أن يقاومه ويرفضه، ولو كان الزواج المدني - كما يقولون - اختيارياً فلا يجوز، لأنه يتعارض مع ما قضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المسلمين في البلدان الأجنبية يتزوجون مدنياً حسب أنظمة تلك البلاد ولكنهم يحققون الشروط المرعية في الشريعة الإسلامية، وكثير منهم يثبتون عقود زواجهم في المحاكم الشرعية المعنية..