أهلَّ علينا شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة والخير والبركة، ولكن رغم سرور المسلمين بهذا الشهر الفضيل إلا أنه تبقى في القلوب غصّة وحرقة بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يمرُّ بها مجتمعنا...
كم من أسر متعففة تشعر بالأسى والحزن لأنها ربما لا تستطيع تأمين ما تسدّ به رمقها في الصيام.
فديننا الإسلامي دين رحمة وعطاء، ويجب على الجميع التعاون لتجاوز هذه المحنة التي ربما يزيد أيضاً ضغطها على الصائمين في شهر رمضان بسبب جشع واستغلال واحتكار التجار للسلع والمواد الغذائية.
فلماذا لا نجعل شهر رمضان فرصة لمساعدة الإنسان لأخيه الإنسان، لكي نحقق معاني هذا الشهر الكريم..؟
فعلى الجميع من ميسوري الحال واجب المساعدة والوقوف الی جانب المحتاجين والفقراء الذين زاد عددهم في هذه الأوقات..
فما هو المطلوب من الأسرة والمجتمع مع بدء شهر رمضان لكي يكون شهر رحمة ومغفرة ولكي نحقق معانيه السامية؟!.. هذا ما سيحدّثنا عنه العلماء..
الكردي
{ بداية، قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي:
- طلَّ علينا شهر رمضان في هذه الأيام بظروف صعبة جداً مادياً واقتصادياً واجتماعيا وسياسياً، وكأن هذا البلد انقلب رأساً على عقب، فبعد ان كان النّاس في هذا البلد يعيشون مطمئنين على أنفسهم وعلى أولادهم خربت الأمور جملة وتفصيلاً.
وأضاف: ومع هذا الواقع الأليم لا بدّ لنا إذا أردنا أن نحقق معاني رمضان هذا الشهر أن نستقبله بعدة أمور وهي التوبة إلى الله تعالى ومواجهة الظلم والظالمين وعدم السكوت على الباطل، ثم لا بدّ من تحقيق التراحم والتواصل بين كل أفراد المجتمع. ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام «من فطّر صائماً فله مثل أجره».
وتابع قائلاً: أنا أطالب كل العائلات وكل الأقارب والجيران فيما بينهم أن يكونوا كأسرة واحدة يطعم كل منهم الآخر بقدر ما يستطيع حتى لا يبقى الإنسان بنفسه يتحمّل هموم الجوع والخوف، وحينما يرتبط النّاس بعضهم ببعض بالمحبة والمودة فهم لا يحتاجون إلى جمعيات خيرية ومؤسسات تبغى الربح من ورائهم، فالمسلم أخ المسلم يحفظه كما يحفظ نفسه.
وطالب الكردي التجار وأصحاب المؤسسات أن يخفّضوا أسعارهم ولا يرهقوا النّاس بالأسعار الخيالية، فالتجار فجّار إلا من اتقى الله وصدق.
واختتم قائلاً: أطمئن كل المسلمين انه مهما كانت الشدائد كبيرة، فإن الفرج والخروج من هذه الشدّة قريباً جداً بإذنه تعالى وأذكّر بقول الله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} فلا يرفع الضائقة الاقتصادية الصعبة إلا التعاون على الخير فيما بيننا، فليكن شهر رمضان فرصة مثالية للتعاون والترابط.
البابا
{ أما مدير مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا فقال:
- ها هو شهر رمضان قد هلّ علينا، وما تقرّب المسلمون إلى الله بمثله والذي يفيض على الأمة بكل هذا الفضل المفيض من الله لا يمكن إلا أن يكون عمله يحمل في طيّاته صلابة الدين وقوة الصلة برب العالمين ويبدأ بالصلاة والصيام وقد جعلهم الله تعالى من أركان الإسلام وأما الزكاة فبإدمان أدائها يصل الإنسان إلى رضاء رب العالمين.
وان المؤمن الخاشع في صلاته وصيامه الصادق في زكاته، يبتغي من الله تعالى العطايا المباركات الطيبات وغبطة الروح كلها يجدها المؤمن في حلاوة الإيمان وأداء هذه الأركان، فتنساب هذه العبادات التي يفوح منها اقبالاً صادقاً إلى الله تعالى، فيجد الحضور في طاعاته ويجد الضياء في سعادة روحه.
فهذه الأعمال تجعل الإنسان يتفوّق ويسلم دينه ويسمو الى معالج الكمال.
وأضاف: ولقد جعل الله تعالى شهر الصيام ليتقرّب المتقرّبون إلى الله ويتسابق أهل الإيمان لينالوا هذه الحفاوة وهذا القبول، فما أن يطلّ علينا بنفحاته المباركة وتجلياته الطيبة حتى يخطوا المؤمنين في مشوار الإقبال على الله بكل جلال فيجدوا الدرجات العلى في هذه العبادات المباركة حتى لا تكون المسألة استجابة لشره الروح ورغبتها في الاستفادة من المزيد على أي سبيل يهيب بنا الإسلام أن نجعل هذه العبادات تؤدي بكل تفاصيلها المعروفة وأشكالها وشتى صورها بإخلاص وصدق دائمين، ولا يُمكن أن نجد صدق الإخلاص في هذه الطاعات، إلا إذا مارسناها بعطف وحنان على بني الإنسان، فالتهالك والافراط في الرزق أو طمعاً فيما ليس لنا بحق يفسد العمل ويغشيه بغواشي الحرص والطمع والشر.
وتابع قائلاً: وحتى تتوفّى النفس حقها في الدرجات العلى، يجب أن تشرّف بخدمة الخلق فيسخّر الإنسان كل إمكانياته في إفادة أخيه ولتنال هذه الكرامة ولكي تلقى العمل المقبول بنقائه لا بدّ أن نواصل في هذا الشهر الكريم اتقان العمل والاقبال عليه في حيوية ونشاط وشغف والتواصل بين أفراد البشر.
واختتم قائلاً: ان شاء الله سبحانه وتعالى أراد أن يتحلّى المسلم في صيامه بالسعي على خلق الله وقضاء حاجيات العباد حتى يكون للصيام أثر في خدمة النّاس في كل مجال ولا يكون ذلك إلا بالاهتمام لحاجات الخلق والايثار، فالمطلوب خصوصاً في شهر رمضان أداء حق الفقير والمسكين على أكمل وجه، فنستثمر أيام الشهر الكريم فيما يرضى رب العالمين في نمط رفيع لا يكون إلا بأداء هذه المسؤوليات الملقاة على عاتقنا في هذه الأيام الصعبة وما أورثته من فقر وعوز.