بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تشرين الثاني 2020 12:00ص العلماء يطالبون بمنع الاحتكار ومواجهة الفاسدين: منع الأدوية عن النّاس جريمة كبرى

حجم الخط
يسود مجتمعنا اللبناني حالة من الاحتكار أبطالها التجار الذين ماتت ضمائرهم، ولم يقتصر احتكارهم على المواد الغذائية وإنقطاع بعض الأصناف من الأسواق بل تعدّاها إلى الدواء وفقدانه من الأسواق.

ألم يعي هؤلاء التجار ان الاحتكار فيه تضييق على النّاس في أرزاقهم وقوتهم وسبل معيشتهم؟!...

ألم يُدرك هؤلاء ان الاحتكار فيه ظلم للناس وللفقراء يمنعهم من الحصول على ما يحتاجونه دون متاعب ومصاعب؟!...

ألم يرى هؤلاء ان احتكارهم فيه استغلال بشع لظروف الإنسان لمثل هذه الأفعال من إلحاق الضرر بالناس والعباد؟!..

ألم يرى هؤلاء انهم بأفعالهم وجشعهم وطمعهم يقتلون أرواح بشرية لا ذنب لها إلا انها خلقت في بلد العجائب والغرائب، في بلد ماتت ضمائر مسؤوليهم وغابوا عن رعيتهم؟!..

فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حذّرنا من الاحتكار وقال: «مَنْ اِحْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئ».

ماذا يتوجّه العلماء للتجار في زمن الاحتكار؟..

هذا ما سنعرفه في تحقيقنا التالي:

الكردي


القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي

بداية، قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي ان موجة الغلاء التي أصابت هذا البلد سببها أمران اثنان: أولهما سوء إدارة الدولة وحاجات المواطن، وثانيهما جشع التجار وطلبهم للربح المضاعف أضعافاً كثيرة، وقبل ذلك، هبوط قيمة العملة الوطنية ووجود أسعار مختلفة للدولار الأميركي مما جعل كبار المستوردين وكبار التجار يخنقون الوطن والمواطن بأسعاهم التي بلغت حدود عدم الرحمة وعدم الإنسانية في قلوبهم.

وأضاف ان هذا البلد بسبب انفجار مرفأ بيروت وردت إليه مساعدات غذائية وطبية هائلة، ومع ذلك لم يصل إلى المواطن منها إلا أقل القليل.

أما موضوع احتكار الغذاء والدواء والتلاعب بأسعارهما، فهي أكبر جريمة يرتكبها التجار اليوم ومستوردو الأدوية، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم «المحتكر ملعون، والجالب مرزوق» واحتكار الغذاء أمر محرّم في كل الشرائع السماوية والقوانين الأرضية، والأخطر من احتكار الغذاء هو احتكار الدواء فهو يتلاعب بحياة النّاس وصحتهم، ولذلك نطلب من الدولة، ان كانت هناك دولة، أن تفرض قوانين صارمة بحق هؤلاء الذين نزعت الرحمة من قلوبهم وامتلأت بحب الدولار والمال، وهؤلاء عذابهم في الدنيا بعد النّاس لهم وفي الآخرة عذاب أليم.

واختتم قائلاً: اتقوا الله في إخوانكم المواطنين، وبالأزمات يظهر المحسن من المسيء، ويلزم أن تقوم وزارة التجارة بفتح باب الاستيراد للغذاء والدواء وإلغاء كل الوكالات الحصرية لهؤلاء المجرمين الذين يفتكون ويعبثون بالوطن والمواطن.

البابا


الشيخ أحمد البابا

أما رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا فقال: ان المؤمن مطالب أن يصل إلى الرشد لينال كل مواصفات الكمال لتحقيق الحق الذي ينشده والحقيقة التي يرجوها، وعليه أن لا يصل بعمله أو قوله إلى تبرير فسادا يُخفي حراماً أو يُخفي جنياً لربح وكل ذلك ليخرج صاحبه عن مبادئ الدين الحنيف، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال «مَنْ اِحْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئ» وقال صلى الله عليه وسلم «من غشّنا فليس منا»، فكيف يزعمون هؤلاء بأنهم من المسلمين والإسلام بريء منهم ومن أفعالهم البشعة.

ولفت إلى ان أفظع الاستغلال يكون لذوي الحاجات الخاصة كاستغلال الدواء لرفع سعره أو لفقدانه من الأسواق ولربما يكون الصيدلي أو تاجر الدواء جزءا من هذا الاستغلال الفظيع الذي قد يؤدّي بالمريض إلى الهلاك، ونحن اليوم نعاني من عذابات شديدة ومواجع أليمة بسبب استغلال هذا الظرف القاسي على النّاس وخصوصا المرض أو استغلال حاجات النّاس للطعام والشراب، فيرفع التاجر أسعاره أو يُخفي بضاعته احتكاراً وطمعاً لربح لا يستحقه، لأن الالتزام بالإيمان يطمس كل معالم الضلال، ولذلك حرّم الإسلام الاستغلال ونهى عن الاحتكار، وحرّم الإسلام كثيراً استغلال الظروف لتبريد أرباح غير مستحقة، ولا يجوز للإنسان أن يأخذها، لذلك دحض الإسلام تبرير جنى الربح بالمطلق فجعله مقيّداً بالرحمة وتبادل المنافع بالحق، وهذا أتصوّر عذاب الجحيم الذي يترشح للدخول فيه من ذلّت أقدامهم إلى خطايا الاحتكار أو الغش أو الاستغلال للضعفاء لنيل حاجاتهم عندما تحلّ بهم الظروف القاهرة.

واختتم قائلاً: لا بدّ أن أتوجه إلى التجار وفيهم الصالحون، بلا شك بأن يراعوا حاجة النّاس ويتراحموا، فالرحمة واجبة في هذا الزمان والله سبحانه وتعالى يرحم من يشاء من عباده الرحماء.

أما السلطة التي تناهت في غيّها وفسادها وعدم مبالاتها لحقوق النّاس وعدم التزامها بالواجبات الملقاة على عاتقها، فهي أشدّ الناس أضراراً وهي ستكون أشدّ النّاس عذاباً يوم القيامة، ممن تولّى أمر النّاس فهو مسؤول أمام الله والرعية، «وكل أمير مسؤول عن رعيته».