بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2024 12:00ص القاضي الكردي عن شهر رجب وفضائله: شهر يدعونا لإعداد خطط تثقيفية وتوجيهية استعداداً لشهر رمضان المبارك

حجم الخط
ها قد دخل شهر رجب علينا معلناً اقتراب خير الشهور شهر رمضان المبارك، وهو أحد الأشهر الحُرم التي قال المولى تعالى فيها: {ان عدّة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيّم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، ومن يتدبّر سير الصالحين عبر مختلف العصور يُدرك ان الاستعداد لشهر رمضان عندهم كان يبدأ قبل أشهر طويلة إيماناً منهم بفضل هذا الشهر الكريم.
وقد سُمّي شهر رجب بالأصب لأن الله يصبُّ فيه الرحمات والبركات والسكينة على عباده صبّاً وهو تقدمة لرمضان وتهيئة لشعبان، كما ينبغي علينا فيه أن نستعدّ لهذا الشهر العظيم وأن ننتقل من دائرة غضب الله الى رضاه ومن معصيته سبحانه وتعالى ومجاهرته بالذنوب ليلا ونهارا الى أن نسارع الى مغفرة من ربنا سبحانه وتعالى، ولكن كيف نستعدّ لذلك ومجتمعنا تسوده المصاعب والتحدّيات الاقتصادية والاجتماعية ولعل أكثر من تطالهم المعاناة هم فئة الشباب الذين فقدوا الأمل وسادهم الإحباط والتشاؤم حتى أصبح احتضانهم وجمعهم وتوعيتهم على طاعة الله من المشاريع الدعوية المطلوب الإعداد لها..
وهنا نتساءل ما هي القضايا التربوية والدعوية والارشادية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب معالجتها قبل الوصول الى أيام الصوم ليكون استقبالنا لهذا الشهر الفضيل استقبالا يليق به؟ فماذا سيقول الدعاة في هذا الإطار؟

الكردي

وفي هذا الإطار، قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي: ان شهر رجب من الأشهر الحُرم، وقد كانت العرب تعظّم هذا الشهر الكريم، وفيه استعداد لاستقبال خير الأشهر شهر رمضان المبارك فقد جاء في الحديث الشريف: «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي»، من هنا نقول ان المسلمين يبدأون باستقبال شهر رمضان من شهر رجب فيعدّون العدّة من توبة وإنابة وإصلاح ورد للحقوق والمظالم حتى يستقبلوا هذا الشهر بنفوس ملؤها الإيمان ورجاء القبول من الله تعالى.
وأضاف: كذلك شهر شعبان، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يكثر من الصيام في شهر شعبان حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها «لقد كان الرسول يصوم في شعبان حتى نقول انه لا يفطر»، وفي هذا تعليم للمسلمين حتى يستقبلوا شهر رمضان بشيء من صيام النوافل حتى تعتاد أجسامهم على أداء فريضة الصيام دون كلل أو ملل، وفي شهر شعبان ليلة النصف من شعبان وهذه الليلة المباركة دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى احياء ليلها وصيام نهارها، وما لهذه الأشهر من أهمية فيجب اعداد خطة تثقيفية توجيهية من خلال تكثيف المحاضرات والدروس الشرعية للعلماء والطبية أيضاً لتعليم عموم المسلمين كيف يصومون هذا الشهر وما هي أحكامه وكذلك تعليم الصغار كيف يصومون وكيف يتلومون والتلوم معناه انه يطلب من الولد الصغير الصيام ولو نصف نهار حتى يستطيع صيام النهار كاملاً، فقد كان السلف الصالح يحتفلون بصغارهم الذين يتمّون صيام شهر رمضان كاملاً.
وكذلك تعليم المسلمين الحكمة من الصيام، فلا يصحّ لمسلم أن يمتنع عن الطعام والشراب الحلال في رمضان ويفطر على كسب حرام أو مال مغصوب أو ترك للصلاة والعبادة مكتفياً بصيامه في رمضان... فاعداد هذه الخطة في شهري رجب وشعبان يؤتي ثماره في شهر رمضان.
وأضاف: وفي مثل هذا الشهر الكريم، شهر رجب الخير، كانت رحلة الإسراء والمعراج، وهي رحلة التكريم لسيد البشرية سيدنا محمّد عليه أفضل الصلاة والتسليم وبعد معاناة وعذاب تعرّض لها في مكة والطائف، في هذه الرحلة العظيمة رأى من آيات ربه الكبرى وفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة وببركة نبي الله موسى عليه السلام ومراجعته سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم  تفضّل الله علينا وجعلها خمس صلوات بدل خمسين صلاة، وجعل ثوابها عنده كخمسين صلاة، وهذه الرحلة هي دعوة لكل مؤمن انه بعد الصبر والألم يكون التكريم والفرح، ونحن في هذه الأيام نعيش في وباء عمَّ العالم كلّه وليس بلد محدداً وأصبح العالم يعيش في قلق وخوف حتى من أقرب المقرّبين إليه.
واختتم قائلاً: نحن بحاجة إلى أن يتكاتف أبناء الوطن، فالأغنياء مع الفقراء والضعفاء مع الأقوياء حتى نخرج من هذه المحنة العامة وأسأل الله تعالى أن يكشف الغمّ ويرحم هذه الأمة وأن يكرمنا باستقبال شهر رمضان بأمان وسلام وسعادة وإيمان وأن يبلغنا شهر رمضان وقد جاءت بشائر الخير والفرج والبركات وزوال الهمّ والحزن والخوف والفقر والوباء والبلاء عن المسلمين جميعاً.