بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيلول 2019 12:02ص القرآن منهج للحياة

حجم الخط
الشيخ رسمي عجلان*

القرآن الكريم دستور الحياة الذي يضع القواعد الأصلية للحضارة الإنسانية التي يريدها الإسلام للبشرية. ويحملها للناس بصبغة إيمانية لتتحقق بها مصالح الفرد والجماعات والمجتمعات وينقل الناس إلى النور بعد الظلمات، فيخطيء من يظن أن القرآن مجرّد كلمات تُتلى أثناء العبادات، ويخطيء من يظن أن القرآن عبارة عن تعويذات يرقي بها من حوادث الطرقات أو من سرقة المحلات أو يعلّق داخل البيوت على الجدران أو تمائم معلّقة على رؤوس الأطفال، ومخطيء من يظن أن تعليم القرآن شيء وسلوكياتنا في الحياة شيء آخر. 

فالقرآن الكريم هو المنهج القويم والدستور الشامل والكامل لسعادة البشر جميعاً في الدنيا والآخرة. قال تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} فلقد جعله الله تعالى شاطئ نجاة البشرية، من جعله أمامه وأقام حروفه وحدوده سلم وفاز، من جعله وراء ظهره ضل وتاه. قال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين* يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}..

فإذا كانت الدساتير الوضعية - أي من صنع الإنسان - تعمل على تثبيت المبادئ الأخلاقية العامة للمواطنين وتضمن لهم جميع الحريات وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وتعمل على حماية الهيئات والمؤسسات وحفظ هيبة الدولة من التخريب والإرهاب وتقنين نظام الحكم والمجالس البرلمانية والمحليات والأمن العام والمستشفيات والحفاظ على التعليم والطرق والمواصلات.. إلخ، فما بالنا بالدستور الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويكفي أنه ضمن حق المخالف قبل المتّبع فقال تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي}، وجعل العطاء للناس، سواء مسلم أو غير مسلم، فقال تعالى: {كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً}.

فالقرآن الكريم هو دستور لكل المجتمعات العاصم من التردّي في الرذائل. والسير وراء الفتن وإعتناق الآراء الفاسدة والمذاهب المخرّبة، كما تميّز الدستور الإلهي بالتدرّج والتأنّي في تنفيذ الأحكام فهدايته فاقت كل هداية، كموضوع تحريم الخمر مثلا.

فهذا الدستور يجمع بين الدنيا والآخرة، فبدأ بتحرير البشر من عبادة غير الله ونبذ عقيدة الشك بكل أشكالها، ثم شرع الصلاة والصيام والزكاة والحج ليربط الناس بربهم. أما في مجال الحياة الدنيا شرع للناس ما يلزمهم، وما يحتاجون إليه في سلوكهم، وحرّم عليهم ما يضرّهم ويودي بمجتمعهم. وأوضح للناس الطريقة المثلى في العلاقات الاجتماعية بعضهم ببعض. أفراداً وجماعات، شعوباً وحكومات.



* عضو الرابطة العالمية لخرّيجي الأزهر