على هامش استضافة العاصمة بيروت لمنصة اللجنة التنفيذية لمركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات، التقت «اللواء» عدداً من المشاركين في الأعمال، فقال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن الأب الدكتور رفعت بدر: «لقد تنبهت القيادات والمرجعيات الدينية الإسلامية - المسيحية في العالم العربي إلى ضرورة اقتناص اللحظة المناسبة، لكي تعمل على خلق أجيال شابة واعدة في الوطن العربي والإسلامي والعالم اجمع، غير مصابة بداء التطرف والتعصب الذي دخل بعض العقول والنفوس من شبابنا العربي واحدث المآسي وجر الويلات في الماضي القريب، والآن بعد انهيار التنظيمات الإرهابية في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، وبعد تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات في فيينا، بمشاركة المملكة العربية السعودية، والنمسا، مملكة اسبانيا والفاتيكان كعضو مراقب، كانت المبادرة المشتركة للتنبه لخطور ما يحدث ويحصل. وبضرورة تنسيق الجهود بين مختلف القيادات والمرجعيات في هذه المنطقة من العالم، والتي هي مهد الديانات السماوية، لكي تعطي بصيصاً من الأمل والنور الساطع والايجابي والتفائلي لشبابنا العربي، وهذه هي محور عناوين المنصة الحوارية التي أطلقت في العام الماضي في مدينة فيينا والتي تهدف إلى التعاون المشترك في سبيل ابعاد الشباب العربي عن الوقوع في فخ التطرف والتعصب والإرهاب، والعمل لكي ينظر إلى الآخر بعين الاحترام وقبوله والاستماع وتقبل آراء الآخرين مهما كانت مفتعلة وكلها جهود تعاون وتنسيق تبشر بالخير والود والسلام والازدهار لمنطقتنا العربية».
وأضاف بدر: ان اجتماع أعمال اللجنة التنفيذية، قيم التجربة بكل ابعادها الإنسانية والدينية والاخلاقية التي حصلت في العام 2018 واهمها إطلاق المنصة الحوارية في مدينة فيينا، ولكل المؤتمرات التي عقدت في الأردن ومصر ولبنان والنمسا، والتركيز في العام 2019، على النواحي الإعلامية، لناحية كيفية استخدام وسائل الإعلام في خدمة الحوار، وفي سبيل أجواء من السلام في نفوس الشباب العربي واعلاء كرامة الإنسان بالتركيز على المرأة والشباب والأطفال والمعوقين.
أبو نمر
وتحدث أيضاً كبير المستشارين في مركز «الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع والثقافات» والبروفسور في الجامعة الأميركية في واشنطن الدكتور محمّد أبو النمر، فقال: «ان المركز يعمل على محور ترسيخ المحبة والسلام وتعزيز دور القيادات والمرجعيات الدينية في مجال منع توظيف واستعمال الهوية الدينية لتبرير العنف والإرهاب والاقتصاء ومنع خطاب الكراهية، ورفض الآخر والتي يستعمل من خلال الدين ونصوصه بشكل عام، وترى بسبب هذه الحروب التي وقعت في المنطقة العربية هناك أهمية قصوى لدور القيادات والمرجعيات والمؤسسات الدينية، حتى لا تكون محايدة ومتفرجة على الهامش بل دورها فعّال وتشكل الصوت الهام الذي يجب ان نسمع صداه بشكل مؤسساتي ومنهجي، وما يقوم به المركز والمنصة الحوارية أظهرت تعاوناً مثمراً بين رجال دين مسلمين ومسيحيين من مختلف المراكز والمواقع وعلى مستوى البطاركة والمفتيين في العالم العربي والإسلامي ليكونوا صوتاً واحداً ومشتركاً ضد خطاب الكراهية والاقصاء والإرهاب والتطرف والتعصب وما هو مرتبط بالهوية الدينية والعمل على تعزيز قيم وركائز العيش المشترك، بغض النظر عن الحروب والمشاكل الاقتصادية والسياسية والتي تواجهها المنطقة العربية».
وأضاف أبو النمر: «ان المملكة العربية السعودية لعبت دوراً رئيسياً وهاماً ومحورياً في إطلاق مركز «الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات»، واعتمدت مقره الرئيسي في مدينة فيينا، وبمشاركة واضحة مع مملكة اسبانيا والنمسا والفاتيكان كعضو مراقب، ومنذ عامين تمّ إطلاق منصة حوارية ومبادرة تعزيز الحوار بين الفاتيكان والمملكة العربية السعودية وهذا حدث تاريخي عالمي، لأنه لأول مرّة في تاريخ الحوار الإسلامي - المسيحي او الاسلامي - الغربي، يحصل مثل هذه المبادرة من المنطقة العربية وقادتها المملكة العربية السعودية ومعها العديد من الدول العربية والإسلامية، وهذا كلّه له دلالات كبرى وليست رمزية، بل أهمية عملية وعملانية، فالتعاون بين هذه الدول الأربع الكبرى، أفرز الكثير من مجالات التعاون البناء والمشترك في قارة آسيا وافريقيا وأميركا وأوروبا، والتوجه أيضاً نحو رعاية قضايا اللاجئين المسلمين وغير المسلمين، وهذا دور وشراكة مميزة ورائدة تتولاها المملكة العربية السعودية مع دول النمسا واسبانيا والفاتيكان، ولا يوجد أي مركز في العالم، يهتم بقضايا الحوار، له مثل هذه الصبغة التعاونية بين الحكومات، بل هناك الكثير من المراكز الأهلية مثل المنظمات المحلية الغير ربحية التي تعمل في هذا المجال، لكن مركز «الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين اتباع الأديان والثقافات» تبقى المؤسسة الوحيدة القادرة على العمل على مستوى صناع أو صانع القرار السياسي في العالم العربي والاسلامي والغربي، لناحية التعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الافريقي ومنظمة التعاون الاسلامي».
بحر العلوم
وتحدث السيّد زيد بحر العلوم فقال: «ان الأديان السماوية كلها فيها مكونات تحترم الإنسان، وتعتبره القيمة العليا في هذا العالم، وإذ السياسة بكل ملفاتها هي التي اساءت للأديان السماوية ودخلت في جميع مرافق الحياة وجاءت بعض نقاط الضعف موضع استغلال وتسخير من قبل الجهات المتعصبة والارهابية والرافضة للآخر وتقبله، فشوهت صورة الإسلام والمسيحي واليهودي وان مهمة رجل الدين في هذا العالم، البحث والتنقيب عن المفاهيم العليا المشتركة الموجودة في عمق الأديان والتي تدعو للمحبة وللانسانية والسلام واظهارها إلى العلن، حتى يتمسك بها اتباع هذا الدين أو ذاك».
وأضاف بحر العلوم: «ان «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين اتباع الأديان والثقافات» والذي ترعاه القيادة في المملكة العربية السعودية، هو مركز حواري عالمي، وشكل السباق بين إطلاق البرامج والمنصات واللقاءات والمؤتمرات التي تتعلق في بناء السلام والحوار بين الأديان والثقافات والتركيز كان ولا يزال على الشباب العرب والقيادات والمرجعيات الدينية وصولاً للانفتاح على المؤسسات الإعلامية والحوارية. ونشكر ونثمن جهود القيمين عليه لتعزيز ثقافة الحوار والسلام في المنطقة العربية خصوصاً والعالم الإسلامي والغربي عموماً».
زكريا
ثم تحدث ممثّل «قداسة بابا الاسكندرية تواضروس الثاني» و«الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في مصر القس متى زكريا فقال: «ان البابا تواضروس الثاني، يقول ان الإنسان في العالم كلّه، يُمكن ان يتعامل مع اخيه الآخر، اما بثقافة بالشجار أو الجدار أو الحوار، وهذا يعني ان الشجار والجدار لن يؤدي إلا إلى الفوضى والتقاتل والحروب والأذى والخراب والدمار. اما الحوار الفعلي والبنّاء والمشترك، هو الذي يحمي الاوطان والانسان فيها وبناء الحياة والانفتاح على الآخر، من أجل العيش المشترك والواحد، وعليه فإننا نثني على دور مركز «الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات» في إرساء ثقافة الحوار بين الأديان والانسان في هذا العالم، وجعلها عنواناً أساسياً في التلاقي والتقارب بين المرجعيات والقيادات الدينية، من مختلف المواقع والأديان السماوية الثلاثة، التي هي مؤثرة جداً في حياة كل إنسان، بحسب الدين الذي يتبعه، ونشيد بما يقوم به هذا المركز العالمي للحوار بين الأديان والثقافات، لأنه تمّ نقل الأفكار وترجمتها إلى أرض الواقع، عبر عقد اللقاءات والمنصات والمؤتمرات والندوات الحوارية وفي إطلاق برنامج الزمالة عام 2018 لمنتدى وملتقى الشباب العربي الذي أقيم في بيروت وتنفيذ مشروع الإعلام العربي، وتسليط الأضواء على دور المؤسسات التعليمية الدينية المسيحية- الإسلامية من كليات اللاهوت والشريعة».
وتحدثت أيضاً رئيسة «قطاع الحوار بالهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية، وممثلة الكنيسة الانجيلية في مصر سميرة لوقا، فقالت: «ان مصر كدولة وشعب في الآونة الأخيرة شهدت حواراً مفتوحاً وبناءً بين مختلف قياداتها ومرجعياتها الدينية، بكل طوائفها ومذاهبها، فشكلوا رسالة واحدة هي بناء المجتمع المصري وابعاده عن الأزمات الكبيرة والاحداث الطائفية والمذهبية البغيضة، التي شقت الصف المصري، لكن إرادة العزم ووحدة الصف في بلاد النيل، أدّتا إلى تجاوز المحن والصعاب والأزمات التي مرّت علينا، ورغم ما نراه من تفاهم على مستوى القيادات والمرجعيات الدينية، فإن الحاجة ملحة لارساء مفهوم الحوار والتفاهمات على مستوى فئات المجتمع المصري وخطاب الكراهية والبغضاء ورفض الآخر وعدم تقبله في الكثير من المناطق والمدن في هذه المحافظة أو تلك، فالحاجات ملحة لاطلاق منصات للتنوير والحوار والتنمية الانسانية والتسامح. وعليه نؤيد كل ما يقوم به «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين الأديان والثقافات»، من أدوار رائدة ومميزة لناحية إرساء الطاقات والقدرات البشرية والانسانية، في مجال الحوار والتسامح وتقبل الآخر وعدم رفضه».