أقل من أربعين يوماً يفصلنا عن شهر رمضان المبارك، أنه شهر الخير الذي يأتينا سريعاً ويغادرنا سريعاً، فيملأ قلوبنا ومجتمعاتنا بالخير والفرح والعطاء.
ولأنه شهر كريم فإن المؤسسات الإسلامية في لبنان تستعدُّ له قبل أشهر وتبدأ بدراسة خططها وبرامجها حتى تكون على مستوى هذا الضيف العزيز الذي أكرمنا به المولى سبحانه وتعالى.
ولا شك ان المؤسسات الخيرية هي المعني الأول بهذا الشهر الكريم، ولذا تستنفر طاقاتها وتستنفر إمكانياتها وتتحوّل من الآن إلى خلية نحل لا يتوقف عندها العمل حتى يكون الشهر شهر الخير والعطاء وشهر التآخي الذي يرمي بذور الخير في المجتمع كلّه.
«اللــــــــواء الإسلامي» جالت على المؤسسات الخيرية الإسلامية واستطلعت الآراء حول كيفية الاستعداد لاستقبال هذا الشهر الكريم، وكانت هذه التحقيقات التي سننشرها على حلقات بإذن الله.
واليوم نكمل رحلتنا لنقف مع مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية:
دندن
{ الشيخ د. أحمد دندن مدير عام مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية قال بداية، إنه شهر الخير الذي كرّمه الله تعالى فقال عنه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، فهو شهر عظيم وضيف كريم، تتفتح فيه خزائن الرحمة والجود والاحسان، وتقبل فيه ليالي الصفح والتجاوز والغفران، فطوبى لمن تعرّض فيها لنفحات الرب، وأخلص الطاعة لله بالجوارح والقلب، فيغفر فيه للتائبين النادمين مساوئ وزلّات، وتنهمر فيه على القلوب المستعدة سحائب الرحمات، ويتفضّل ربنا بالعفو عن أهل الأوزار الذين أنابوا إلى الله العزيز الغفار، وفيه يتهيّأ المسلمون ويستعدون لعبادة هي من أجلّ وأعظم العبادات، وقربة من أشرف القربات، وطاعة مباركة لها آثارها الطيبة في العاجلة والآجلة من تزكيه النفوس وإصلاح القلوب وحفظ الجوارح والحواس من الفتن والشرور وتهذيب الأخلاق.
وقال: وهو أيضا شهر عظيم وموسم كريم تتضاعف فيه الحسنات، وتعظم فيه السيئات، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر الصيام والقيام، شهر الصدقات والبر والإحسان، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، شهر تفضّل الله به على هذه الأمة فيغفر لها في آخر ليلة منه، ومن صامه إيماناً بالله واحتساباً لثوابه غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدّم من ذنبه. شهر تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النيران، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته، وطعامه، وشرابه من أجلي للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه) يفرح عند فطره بأمرين، باستكمال صوم اليوم الذي منَّ الله عليه بصيامه، وقوّاه عليه، ويتناول ما أحلّ الله له من طعام وشراب، ويفرح عند لقاء ربه بما يجده عند ربه مدخّرا له من أجر الصيام.
شهر فرح لأبناء مؤسساتنا
وتابع: أما في مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية فالأمر على نقيض ذلك كلياً، فالزائر للمؤسسات يرى التحضيرات والاستعدادات قائمة على قدم وساق احتفالاً بالزائر الكريم، فلرمضان حضور مميّز ينعكس فرحة وشوقاً عند الأطفال، يتحضّرون ويتزوّدون منه لسائر الشهور والأيام، همساتهم لا تقطعها إلا ضحكاتهم البريئة، يستعينون برمضان للتغلّب على عثرات الزمن، يتخذون منه زاداً يملؤونه ضحكات ولحظات سعادة لا تنسى، يدّخرونها لليالي الحوالك والزمن الصعب، ويختلسون نظرات الفرح إلى التحضيرات التي تقام في جنبات المؤسسات وقد ازدانت ولبست الحلي والحلل، يتهامسون فيما بينهم أن مرحباً بالضيف الكريم وحبال الزينة قد امتدت والفوانيس قد نصبت.
ثلاثون يوماً من الطاعة والسعادة وموائد الفرح التي تقام لإسعاد الأطفال، ثلاثون يوماً من الصيام والدعوات والهدايا، ثلاثون يوماً ليست كباقي أيام السنة، إنها أيام شهر رمضان المبارك في مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية.
فقد بدأ أهل الخير يدعون أطفال المؤسسات إلى موائد الشهر الفضيل منذ بداية شهر رجب، وهم يتسارعون إلى حجز أيامهم الفضلى التي يجمعون فيها أهاليهم وأحبابهم مع أطفال المؤسسات لكي تكتمل صورة الخير في مجتمع توارث الخير عبر الأجيال.
الأكشاك الرمضانية
وأضاف: وها هي الأكشاك الرمضانية تتلوّن وتتزيّن وتقوم بآخر التحضيرات لكي تتوزع في جنبات العاصمة بيروت لتكون على قرب مع الناس تحدثهم بأخبارها، وتقوم بالصلة مع الأطفال وحاجات المؤسسات، كما تبدأ عملية توزيع دعوات الإفطارات الرسمية التي تجمع الناس حول مائدة محمد خالد في مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية بالأوزاعي، فتخبرهم بانجازاتها العام الماضي وما تحضّره من إنجازات للعام القادم.
إنها دورة الحياة تتجدّد مع شهر رمضان المبارك، حبيب الصالحين، ولهفة المشتاقين، يستبشر المؤمنُ بقدومك رجاء في برِّه سبحانه، وارتقاب فضله وإحسانه.. فيه تلين القلوب، وتصفو النفوس، وتسمو الهمم، وتُشغَل الجوارح بالأعمال الصالحة. شهر ضبط النفس، وملكة التقوى: فيك يا رمضان تتفجر عواطفُ الرحمة، فيتضاعف الإحسان.. فيك تُضاء المساجد بنور القرآن وتنبعث أصواتُ الأئمة تملأ الأرجاء بتلاوات عاطرات، تخشع لها الأفئدةُ فتسيل الدموع التي طالما جفّت من أشغال الدنيا ولهوها.. فتجلو هموم المهمومين، وترتاح صدور المغمومين. وحُقّ لعين أن تُريق دُموعَها... ولا خير في عينٍ بذلك تبخلُ ضيفٌ غالٍ، وعزيزٌ يطول الشوقُ إليه، يستحق الحفاوة والتكريم.
واختتم بالقول: تجارة رِبْحُها تكفيرُ السيئات، ومغفرة الذنوب، والجنة والرضوان من الغفور المنان، يشرّفنا في كل عام مرة واحدة، يتفضّل به علينا الرحمن فيرحم به عباده الغافلين ويوقظهم اللطيف بلطفه .. يتفضّل على عباده بفتح أبواب الرحمة والجنان، وإغلاق أبواب الجحيم.. اللهم أعنا على مجاهدة أنفسنا، واجعلنا فيه من الفائزين، ومن عتقائك من النار.. اللهم اجعلنا من الصفوة الذين امتثلوا لأمرك، القانتين الصابرين الصادقين، وارزقنا فيه همّة ونشاطا، وأعذنا من العجز والكسل، وأعده على المسلمين جميعاً بالخير والأمن والاطمئنان.