بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الثاني 2018 12:12ص المفتش العام بالأوقاف الاسلامية د. اسامة حداد: لضرورة إعداد خطة استراتيجية لإعادة منظومة الأخلاق إلى المجتمع

حجم الخط
الأخلاق هي جزء من عقيدة المسلم ولا أجد اهتماما بين الدعاة أو أجهزة الإعلام كلها أو المؤسسات التعليمية بالعقيدة وما تشتمل عليه من شعب للإيمان هي عقيدة للمسلم, وجل اهتمام كل تلك الجهات بالعبادات والمظاهر الشكلية للمسلم, مما أوجد لدينا منظومة أخلاقية ضعيفة, يفسرها كل علي حسب هواه, ويوجهها كل شخص لتحقيق مصالحه ومآربه الخاصة, فهل نعلم أن الرحمة والعدل والمساواة وحسن الخلق والأمانة والوفاء بالوعد وحفظ العهد والنظافة والحياء وإماطة الأذي عن الطريق كل هذه وأكثر منها جزء من عقيدة المسلم؟ هي كلها من شعب الإيمان, وهي أخلاق قلما نجدها الآن ولا يهتم بها أحد من أهل الدعوة والعلم والتعليم والإعلام.
لذلك ينادي العلماء مرارا وتكرارا بتبني منهج توعوي ثقافي أخلاقي عقدي يقوم على روح وجوهر الإسلام وأن يكون هذا المنهج معتمدا في المدارس والجامعات العامة والخاصة على حد سواء ويتخلله منظومة أخلاقية عقدية.
ومن هنا كان هذا اللقاء مع المفتش العام في المديرية العامة للأوقاف الاسلامية الشيخ د.أسامة حداد الذي أكد على مكانة الاخلاق في إيمان الانسان ودوره في إصلاح الأسرة والمجتمع والحياة بشكل عام.
 الأخلاق أمان المجتمع
{ نرى حالات تظهر انعدام للأخلاق في مختلف مجالات المجتمع، ما هي الأسباب التي أدّت إلى ذلك؟
- بداية أوضح «رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ان بعثته إلى النّاس كافة تهدف لإتمام مكارم الأخلاق فقال «انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق» وصدق الشاعر حينما قال:
وانما الأمم الأخلاق ما بقيت
فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
ان كل حضارة ان لم يكن فيها من القيم والاخلاق فهي حتماً إلى الزوال، من هنا نؤكد أهمية القيم في مجتمعاتنا وخطورة البعد عن اخلاق الإسلام الذي جمع بدستوره كل قيم واخلاق الشرائع السماوية.
واضاف: وإذا نظرنا نـظرة تأمل في حال المجتمعات الإسلامية لوجدنا جانباً كبيراً من الاخلاقيات والقيم الفاضلة ونرى تفلتاً في بعض تلك المجتمعات وهذا مرده إلى عدّة امور:
اولاً: ضعف التربية العائلية للنشء وغياب الأبوين عن دورهما في ذلك وحل محلهما الإعلام الهابط ووسائل التواصل الإجتماعي بما فيها من سلبيات ومخاطر.
ثانياً: ضعف التربية في المؤسسات التعليمية حيث اغفلت جانب التربية وركزت اهتمامها على الجانب التعليمي... وتعليم بلا تربية يؤدي إلى خراب المجتمع.
ثالثاً: عدم وجود خطة استراتيجية في أصحاب الأمر لتعزيز القيم والاخلاق في نفوس الناشئة وأفراد المجتمع من قيم واخلاق للأسف.
وألفت الانتباه إلى وزارة التربية والشباب والإعلام لأسأل أين الخطة والرؤية لحماية الشباب من مخاطر الفساد.
رابعاً: عدم وجود برامج هادفة توجه إلى القيم من اغلب وسائل الإعلام المرئي والمسموع، بل نرى ونشاهد في وسائل الإعلام ما هو مدمر لتلك القيم والاخلاق.
الكل مسؤول
{ برأيك ما هي الأدوار المطلوبة من كل فئات المجتمع حتى نبدأ بحملة جماعية لإعادة تثبيت واحياء الأخلاق في المجتمع؟.
-  عندما نضع يدنا على الجرح واسبابه يسهل علينا العلاج الصعب وأهم من هذا العلاج هو الوقاية،  لا نريد ان ننتظر حتى يصل بعض الشباب إلى التمرد والمخدرات والفواحش، ونقول تعالوا لنعالجهم بل علينا ان نحمي هؤلاء الشباب منذ نعومة اظفارهم في طفولتهم من هنا اقترح ما يلي:
اولاً: إعلان حالة الطوارئ ودق ناقوس الخطر على مسامع الأهالي ونقول لهم ادركوا ابناءكم قبل ان تندموا ومن زرع الخير حصد الخير، ومن زرع الاهمال حصد الفساد، وهنا يتوجّب على الأبوين التواصل الدائم مع ابنائهم وتأديبهم على قيم دينهم وان يحافظوا عليهم من رفاق السوء وافكار السوء بتحصينهم بالتربية الدينية.
ثانياً: فرض وزارة التربية على كافة المدارس الرسمية والخاصة ساعة اخلاق وتربية داعمة لساعة التعليم الديني.
ثالثاً: الطلب من وزارة الإعلام تحضير برامج هادفة واعلانات توجيه إلى قضايا اخلاقية مجتمعية.
رابعاً: دور الدعاة ومع كل ما سبق فان دور الدعاة والخطباء في المساجد دور هام قادر على التأثير ان احسنا أسلوب الخطاب الديني وان يتحدث هؤلاء بلغة الواقع لا بلغة التاريخ فقط وعلى الجميع ان يُدرك ان المجتمع بخطر وعندها يعالج بخطابه وبدروسه مشاكل المجتمع ويدعمه بالآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية وسيرة الانبياء والصالحين لأخذ العبر والدروس بما يتماشى مع الواقع.
ومن هذا المنطلق ندعو الجميع إلى الالتفاف حول المرجعية الدينية الكبرى دار الفتوى وقرارات وبيانات صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان من دعوته إلى الإعلام إلى احترام المقدسات والقيم الدينية وعدم المساس بها حفاظاً على أمن المجتمع النفسي والاجتماعي والأخلاقي.
العلاقات الأسرية
{ ظاهرة غريبة تنشر في مجتمعاتنا وهي هروب الفتيات عن منازل أهلهم بسبب خلافاتهم معهم كيف تحلل ذلك؟
- لا بدّ ان اوجه نصيحة إلى الازواج ان يراعوا الاحترام بينهما ويعملوا جاهدين على احترام ابنائهم لهيبة الأب وكرامة الام... ماذا ننتظر من جيل يسمع اباه وهو يهين أمه أو يرى امه تقلل من احترام ابيه... فماذا ينتج عن ذلك حتماً ستسقط الهيبة والاحترام في نفوس الأبناء وتضيع التربية في غابات الانحلال والفساد.
واكبر دليل على ما ذكرناه ما سمعناه منذ أيام من اختفاء فتيات في ربيع اعمارهن عن بيوتهن وظن الكثير ان ذلك ما حصل هو عملية اختطاف وجهدت القوى الأمنية مشكورة بالبحث والتحري عن وجهة ومصير هؤلاء لتكون المفاجأة لمن عدن ان سببب خروجهن هو الهروب من تفاقم الخلافات العائلية والشخصية مع ذويهم. وهذا ليس مبرراً لأي بنت أو ابن أو شابة أو شاب بان ينسلخ عن عائلته ولكن إذا عرف السبب بطل العجب وهذا من الثمار السيئة التي يجنيها الأجيال من مشاهدتهم لاحداث مماثلة شاهدوا فيها خروج الأبناء من بيوت أهلهم تمرداً وهروباً متأثرين ببعض العادات في المجتمعات الغربية الأجنبية... وهذا يخالف تعاليم ديننا خاصة قول الله تعالى {واما يبلغن عنك الكبر  أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا  تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً} فيتضح من هذه الآية الكريمة ان العلاقة بين الأبناء واهلهم لا تنقطع حتى بعد الممات.
{ هل من كلمة أخيرة؟
- أتوجه إلى الجميع بالرجاء ان ننتبه إلى مخاطر البعد عن القيم والاخلاق وان يبقى ذلك هاجساً يومياً لا ينفصل عن انفاسنا حتى نصل بسفينة الأجيال إلى شاطئ الأمان.
أسأل الله تعالى ان يحفظ ابناءنا وبناتنا وشبابنا من كل سوء واذى وان يحميهم وان يهديهم إلى الطريق الصواب لأنهم عماد الأمة والمجتمع.