بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2023 12:00ص المفتي حجازي في حوار حول ما يجري في غزة: من يتنازل عن فلسطين يتنازل عن دينه ونحن على يقين بوعد الله ونصره

المفتي الشيخ د. وفيق حجازي المفتي الشيخ د. وفيق حجازي
حجم الخط
تحتلُّ فلسطين مكانة عظمى في الإسلام وعند المسلمين، إذ بها القدس ثاني مدينة أضاء بها نور التوحيد بعد مكة المكرمة، حيث بُني بها المسجد الأقصى بعد بيت الله الحرام أول بيت وضع للناس بأربعين عاما، وهذا المسجد الذي كان أولى القبلتين، ونال المنزلة الثالثة في القدسية بعد المسجد الحرام ثم المسجد النبوي، وأطلق عليه لذلك ثالث الحرمين، وامتدّت حوله البركة لتشمل أرض فلسطين كلها، حيث قال الله -عزّ وجلّ- عنه: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}.
وفي ظل ما يجري في أرض فلسطين كان هذا الحوار مع مفتي راشيا الشيخ د. وفيق حجازي الذي أكّد على معانٍ عديدة كلها ضرورية في أيامنا التي نعيش فيها.

فلسطين قضية كل المسلمين

{ بداية ما مكانة فلسطين في إيمان المسلم؟
- فلسطين في الإسلام لها مكانة عظيمة، فهي أرض الأنبياء وفيها قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين، كما انها منتهى مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم  ومبتدا معراجه عليه الصلاة والسلام، ولذلك قضية فلسطين قضية عقيدة وليست منهجا سياسيا، إنها ميراث الأجداد ومسؤولية الأحفاد، معراج محمدي وعهد عمري، هي أمانة في عنق المسلمين في كل أصقاع الأرض يكفي ملتقى الأنبياء ومعراج خاتمهم وعهد الفاروق عمر وأمانة صلاح الدين الأيوبي، وهي أرض وقف ومغتصبة من الصهاينة ولذلك كانت قضيتها قضية كل المسلمين لانها قضية الإسلام، وليست قضية قومية أو مناطقية وليست قضية الفلسطينيين فحسب، وإن من الجرم تقزيم هذه القضية لتحويلها وتحويرها، ويكفي انها أرض مباركة كما سطّر ذلك القرآن الكريم وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم  على أهلها الذين ينافحون عنها وإن أصابهم من لأواء وهي من بلاد الشام المباركة بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم .

نصرة القضية بكل ما نملك

{ وكيف ننصر القضية في بلادنا إعلاميا ودعويا واجتماعيا..؟!
- نصرة قضية فلسطين تتطلب أولا ان نصطلح مع الله تعالى وتتّحد كلمتنا وصفّنا وهذا باب عظيم من أبواب اللحمة فيما بين الأمة، ونحن مطالبون بالوقوف مع أهلنا في فلسطين بكل ما نملك لأن من جهز غازيا فقد غزا وهنالك المجاهد بنفسه وماله وكذلك بالكلمة بحيث تتم تعرية العدو إعلاميا خاصة في ظل وسائل التواصل ولأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلّمه ولا يخذله ولا يحقّره، وقد رأينا وقوف الغرب في أكثريته مع المحتل المغتصب ضد صاحب الأرض والحق ونحن علينا أن نقف مع المظلوم فكيف والقضية قضيتنا ونصرنا لفلسطين نصر لنا وواجب علينا وليس ترفا وما لا يتم الواجب إلّا به هو واجب، فالإعلام بشتى وسائله مطالب أن يفضح جرائم الصهاينة ويبيّن حقيقة هذه القضية وينشرها بين الأجيال حتى يكون الإنسان على معرفة بالأمور وخاصة في ظل العولمة التي يحاول الغرب نشر الأراجيف تجاه أهلنا الفلسطينيين، ونحن في لبنان حدودنا فلسطين المحتلة وبيننا رحم ومصاهرة فضلا عن اخوة الدين وهذا كله يستوجب وقوفنا معهم وكذلك على الدعاة توجيه المسلمين لنصرة أهلنا في فلسطين وبيان فضل هذه الأرض وأهلها وقضيتها لأن الوقف يهمّ كل مسلم، وهذا ما يجب بيانه للمسلمين في المساجد والمدارس والمحاضرات والندوات، فضلا عن توجيه المسلمين لتقديم الدعم المادي على الأقل، فنحن قضيتنا قضية أمة وليست قضية وعد بلفور أو سايس بيكو، وعمل الدعاة جهاد كبير كذلك ومهم لأن الجهاد ضد المغتصب الصهيوني جهاد مقدّس وتسقط أمام ذلك دعايات المتلوّنين، وفلسطين في هذه الأزمة كشفت أقنعة كثيرة عن وجوه عديدة وهذا من نتائج هذه الحرب الأخيرة وهذا تم بفضل الله جلّ جلاله ليسقط المخدوع ويتنبّه المشوّش عليه.

ما يجري وصمة عار على جبين دعاة الحرية

{ كيف نعيد القضية الي قلوب المسلمين بعد أن غابت لفترة؟
- لقد علّمتنا هذ الأزمة أن علينا أن نكون على معرفة بالواقع المعايش وخاصة في ظل تقزيم القضية الفلسطينية ومحاولات التيئيس حول نصرة هذه القضية ولزوم تحريرها من أيدي الغاصبين الذين جاءوا من بلادهم إلى أرض ليست لهم وبدعم غربي حاقد على الإسلام والمسلمين، ومن هنا لا يقبل مطلقا ان نغض الطرف عن فلسطين، وقد كان المسلمون سابقا عندما يأتون لحج بيت الله الحرام يتمّونه بزيارة القدس ولا يمكن أن يهدأ جفن للمسلمين وفلسطين محتلة والقدس مغتصب ومن يتنازل عن فلسطين يتنازل عن دينه لأن القضية قضية دينية وهذا عنوان مهم ومنطلق دقيق، ونحن على يقين بوعد الله ونصره لعباده المؤمنين، وعلى حسن ظن به مطلق جلّ جلاله، وهذا عنوان إيمان، وما يجري في أرض غزة من جرائم صهيونية، هو وصمة عار على جبين دعاة الحرية في العالم، الذي وقفوا مع المجرم ضد أهل غزة الذين سطّروا بثباتهم وجهادهم أن الحق منتصر لا محالة، وأن الجهاد هو عنوان الكرامة للأمة في دفاعها عن الحق، وما ضاع حق ورائه مطالب، وما أخذ بالقوة لا يردّ إلّا بالقوة، قال صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرّهم من خالفهم إلّا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس. ولأن الجرم الصهيوني على أرض غزة العزة يحدث وبدعم وممالأة غربية إلحادية ممقوتة في تحدّ صارخ لكل الأمة في كل مكان.
{ ما كلمتكم الأخيرة؟
- علينا أن نعمل على وحدة الصف والكلمة والموقف للمسلمين وخاصة في ظل هذا الوضع، ومن معالم هذه الوحدة أن نصطلح مع الله لأن النصر منه سبحانه دون غيره، وتقديم الدعم بكل ما يمكن لأهلنا في غزة فلسطين وعلى وجه السرعة، ووقوف الدول العربية والإسلامية موقفا موحّدا وجازما وحازما تجاه إسرائيل ومن يدعمها ضد أهلنا في فلسطين، وتعرية المتخاذلين عن نصرة فلسطين، وتقديم دعاوى اتهامية ضد إسرائيل في المحاكم الدولية مع عدم ثقتنا بها ولكن فقط أن تسجل للتاريخ لأنه خير مُدِين للعدو الصهيوني.