بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 تشرين الأول 2019 12:02ص الموروث السرطاني... وجريمة تقديمه على الكتاب والسنّة... ؟!

حجم الخط
كلما تحدثت مع فلان أو علاّن عن ضرورة تحقيق تفاعل لأهل عصرنا مع كتاب الله وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم، جاءني الجواب «برعونة جاهلة».. أن تاريخنا الفقهي وتراثنا الإسلامي غني بكل ما نحتاج وأننا لن نقدّم أفضل مما قدّمه السابقون..؟!

ولكن اسمحوا لي أن أعلنها اليوم صراحة... لا وألف لا.. لما تدعونه زورا وبهتانا..؟!

فالفقهاء قديما أخلصوا واجتهدوا وتفاعلوا مع كتاب الله والسنّة النبوية وفق معطيات زمانهم ومستويات علومهم وظروف بيئاتهم ولهم منّا كل التقدير والاحترام، ولكن الحقيقة تخبرنا علانية أن كل ما كان في زمانهم مخالف تماما لما نحن فيه اليوم في العام 2019، وهذا لا يعني أبدا تركه والتنكّر له، وإنما يعني دعوة صارخة لنا لنعمل ولنجتهد حتى نحقق التفاعل المطلوب منا مع كتاب الله والسنّة الشريفة..؟!

فالفقه الإسلامي عبر 1400 سنة مرّ بمراحل كثيرة بين تقدّم وانكماش، وأسوأ ما نعانيه اليوم أننا قدّمنا «السرطان الفقهي» الذي كان في فترات الإنكماش على الفقه الراقي الذي ظهر في فترات شروق الحضارة الإسلامية..؟!

ففي بلادنا المسكينة - ومنذ سنوات طويلة - تمّ تعميم «فقه الوضوء والطهارة والحيض والدخول إلى الخلاء» حتى بات أصلاً ثم أغفلت من بعده تماما الدعوة إلى العمل بالفقه الإداري أو الدستوري أو المالي أو الفقه الاجتماعي أو الفقه الإصلاحي..؟!

ثم شاع الفساد بعد ذلك.. فجاء من علماء السلاطين من قدّموا لنا بقدسية مفتعلة فقه الانعزال والاحباط والسلبية، على حساب فقه المواجهة والإصلاح.. فصار المؤمن في موروثاتهم الفقهية من يرضى بكل منكر حتى ستار الصبر والتوكل على الله.. بينما الفاجر المارق الزنديق هو من يعمل بإنسانيته وبدينه ويحقق التفاعل مع كتاب ربه ثم يطالب بالحق ويدعو إلى تحقيقه..؟!

وبالتالي.. جاء حصادنا لنتائج هذا الانقلاب الفكري أن أصبحنا اليوم أمّة مهزومة نفسيا... مدمّرة اجتماعيا.. مقتولة إنسانية... علاقتها بكتاب الله وبسنّة رسوله متوقفة على الشكليات.

والأنكى أننا زيّنا كل السلبيات السابقة بشعارات دينية برّاقة، ثم ازداد السوء سوءا حتى استغل البعض هذا الانحدار الحضاري فركب الموجة وراح يعمل في «سراديب التشويه» تحت ستار الإصلاح...

فالإيمان بتعريفه أذكار لسانية... وابتهالات غنائية.. وأوراد «ببغائية»..؟!

والإسلام عنده إلتزام كامل ليس بالدين.. وإنما بفهم أفراد معينين للدين، ثم دفاع مستميت عن هؤلاء الأفراد أكثر من الدفاع عن الدين نفسه..؟!

نعم أيها السادة... نحن اليوم نعاني من نفوس جعلت «الفهم الموروث».. أولى من القرآن.. وأولى من السنّة... وأولى من العقل... وأولى من كل شيء وإن كان الفهم غير صحيح..؟!

فهل سيكون في عصرنا من يسعى للتصحيح والتصويب في مسار الفكر الديني الذي مكبّل بخرافات وخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان... أم يا ترى سنبقى نبكي على الأطلال.. ثم نلقي بنتائج الكوارث المحيطة بنا على نظرية المؤامرة...؟!



أخبار ذات صلة