بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تشرين الأول 2019 12:02ص النفوس بيوت أصحابها أطرقوها برفق

حجم الخط
ورد في الأثر ان النفوس بيوت أصحابها فإذا طرقتموها فاطرقوها برفق، وروى أنس بن مالك ان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ». وفي مقولة للكاتب الكبير شكسبير: شق طريقك بإبتسامتك خير لك من أن تشقها بسيفك، وسنتعلّم الكثير من دروس الحياة إذا لاحظنا أن رجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار.

وقرأت حكاية أو أسطورة من الأساطير القديمة وفيها انه في يوم من الأيام قالت الرياح للشمس: ما رأيك.. سنتخذ هذا العجوز المستلقي على الأريكة في هذه الحديقة رهاناً وتحدٍّيا بيننا؟! فقالت الشمس: رهاناً على ماذا؟؟ قالت الرياح: على أن ننزع عنه معطفه الذي يرتديه.. فقالت الشمس: قبلت الرهان... فبدأت الرياح تصدر أصواتاً مدوية ومخيفة وتقذف هواءً وأتربة... وتهيج... وتشتدّ وتشتدّ... وتحاول بقوتها وسرعتها أن تنزع المعطف عن العجوز... ولكنه للعجب كان يتمسّك بمعطفه بكل ما يملك من قوة... وتزداد الرياح هوجاً وشدّةً وصياحاً.. ويزداد العجوز تمسّكاً بالمعطف... وتضطرب الرياح وترسل الهواء عبثاً... والعجوز يتمسّك بمعطفه أكثر... حتى توقفت الرياح وأعلنت ضعفها وعدم قدرتها... ثم أشارت الرياح للشمس أنه قد حان دورها... فابتسمت الشمس وطلعت بهدوء.. وملأ الدفء المكان... فشعر العجوز بازدياد الدفء فلم يجد للمعطف فائدة.. فنزع المعطف بكل هدوء وسلام.

إنها قصة جميلة نسجها الخيال تُعلّمنا كيف يكون التعامل الصحيح... لِمَ لا نجعل تعاملنا مع بعضنا بتعامل الشمس وليس بتعامل الرياح... فليس كل شيء نستطيع الحصول عليه بالإكراه واستخدام الأساليب القاسية المنتشرة كالسكين والمسدس والحرق.. والقتل أو الإلغاء... 

لِمَ لا يزيّن حياتَنا اللين والكلام الطيب والتعامل الودّي... فالكثير منّا يحاول أن يحصل على ما يريده بطريقته الخاصة ولا يفكر هل تلك الطريقة هي المُثلى والتي بواسطتها سيحصل على ما يريد...؟! أم أنها ستبعده عن مبتغاه أكثر... 

فعلى سبيل المثال نجد الأب يضرب ابنه لكي يعترف بالخطأ الذي ارتكبه، وفي المقابل الولد لا يعترف لأنه إذا اعترف ربما سيلاقي ضرباً أكثر مما هو يلاقيه الآن.. فلو استخدم الأب طريقة الكلام والتفاهم المحبّب لوجدنا أن الولد قد اعترف بخطئه دون أن يشعر... وآخر تسبّب مديره (بدون قصد) احراجه بكلمة فيقوم بملاحقته إلى أن يمسك به ويطرحه أرضاً ويقتله.. فلو أنه ناقش مديره بأسلوب لائق لاعتذر له المدير وأكمل كل منهما حياته بخير...

ان كل الأساليب القاسية لا تعود علينا بالمنفعة فهي لا تجلب سوى التعب النفسي والجسدي.. فهـلمّ بنا جميعاً لكي نكون كالشمس ونتعامل بسهولة وإبتسامة مشرقة..

المجتمع هو مكان يحوي الأفراد فإن لم يتغيّر الأفراد لن يتغيّر المجتمع فلنغيّر من تعاملنا مع بعضنا ونمحو ظاهرة العنف والإكراه ونستبدلها بالكلمة الطيبة ليُصبح مجتمعنا أفضل... فما كان اللين في شيء إلا زانه.