بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2018 12:06ص بعد أن أصبح آفة منتشرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي: العلماء يحذرون من نشر الفضائح والتعدي على حرمات الناس

حجم الخط
تعتبر شبكة الإنترنت واحدة من أهمّ مصادر المعرفة التي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها؛ وذلك لما لها من عظيم الأثر على حياته بشكل عام.
غير أنّ لاستخدام هذه الشبكة العديد من السلبيات والمضارّ التي تنتج عن سوء استعمالها ولعل أبرزها تلك التعديات المشبوهة التي نراها عند البعض كالتجسس على الآخرين أو نشر الفضائح وهتك حرمات وكرامات الناس تحت ستار حرية التعبير..
وازداد الأمر سوءا حين أصبح  لهذه الآفات الأخلاقية برامج إعلامية تنشرها وتعمم مضامينها على الناس كافة وكأنها حصلت على سبق صحفي نادر...؟! مما يعني أن الفساد لم يعد  محصورا في صفحة الكترونية معينة وإنما هناك من يروج له ويسوقه ولو بشعارات رنانة خادعة..
بل إن من الناس من انحرف عن إنسانيته فرأيناه يقوم بالتشهير ونشر العيوب عن زوجته بعد ما استحكمت الخلافات بينهما، ضاربا بكل القيم الدينية والمعايير الأخلاقية عرض الحائط، وحول صفحته إلى وسيلة لاغتيال المبادئ والمشاعر ونشر الفضائح عن شريكه.
من هنا كان تحذير العلماء من تسخير التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة لتتبع عورات الناس وكشف سترهم، مؤكدين أن تتبع عورات الآخرين بأي صورة من الصور، في الطرقات أو وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو غيرها، أمر نهى عنه الإسلام، وتوعد فاعليه، بالعقاب في الدنيا والآخرة.
الكردي
{ بداية أكد  القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي على إن الإسلام يدعو إلى المحافظة على العورات وعلى الأسرار التي تكون بين الناس، وقد وضع لذلك وسائل متعددة لتحقيق هذه الغاية، منها ما يتعلق بالأفكار والخواطر التي تدور في نفس الإنسان نحو غيره من الناس، حيث نجد ذلك في التوجيه القرآني قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}، ثم دعا بعد ذلك إلى تجنب الخطوة التالية وهي التجسس»...ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا»، والنهي عن التجسس هنا يشمل كل الأنواع وبأي وسيلة من الوسائل سواء بالنظر أو السمع أو الوسائل الحديثة التي ظهرت في حياة الناس من الابتكارات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي. 
وأشار إلى أن الرسول  صلى الله عليه وسلم  نهى نهيا صريحا عن تتبع عورات الناس، حيث ورد في الحديث «أن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في قعر داره»، وأن من الوسائل التي دعا إليها الإسلام للمحافظة على أسرار وعورات الناس، ما يسمى بأدب المجالس، بمعنى لا يفشى احد أسرار من يتحدث معهم حتى لا تحدث الغيبة والنميمة مما يوقع الناس في بعضهم البعض سواء بالكلام أو المشاجرات والتشابك بالأيدي أو حتى بسوء المشاعر تجاه بعضهم البعض . 
غندور
{ أما القاضي الشيخ زكريا غندور فقال أن الذين يتتبعون عورات الناس وينشرون فضائحهم سواء في المجالس الخاصة، أو عبر الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي إنما يرتكبون كبيرة من أعظم الكبائر حرمة عند الله تعالى، بل هي من الموبقات، اي المهلكات، وقد ورد عن النبي  صلى الله عليه وسلم  انه قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»، متفق عليه. كما نص القرآن الكريم صراحة على أن نشر الفواحش يعد من الكبائر، حيث قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، كما على القائمين على وسائل الإعلام المختلفة عدم نشر مثل هذه الأعمال الذي يدخل في دائرة الحرمة الشديدة، لما فيه من إشاعة للفاحشة، ويجعل كل من تسول له نفسه فعل الفواحش يستسهل الأمر ويستسيغه، ومثل هذه الأمور مبنية على الستر وعدم الخوض فيها خشية عقاب الله تعالى، وفي نشر مثل هذه القبائح تلويث لسمعة المجتمع ولأدبياته وأخلاقياته.
الحاج شحادة
{ وكذلك طالب القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة بضبط هذه الأمور وتشديد العقوبة على كل من يقوم بنشر فضائح الناس أو يتتبع عوراتهم، لأن من يفعل ذلك يدخل فى محاربة الله ورسوله ويستحق ما أوجبه الله تعالى على من يفعل ذلك لأنه يفسد في الأرض، وقد قال الله تعالى في ذلك {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم}، موضحا أن الدول لو شددت العقوبة على من يفعل ذلك، لارتدع كل من تسول له نفسه أن يفضح الآخرين، موضحا أن هذه الجريمة-من وجهة نظره-اشد من القتل لأنها فتنة، وذلك لان المرأة التي قتلت انتهى أمرها، أما التي تشوهت سمعتها أو نشرت أكاذيب عنها وعن أسرتها مثلا فقد قتلت قتلا معنويا إلى أن تموت.