تتميز التربية الإسلامية عن غيرها أنها تربية إنسانية هدفها الأول والأخير هو إنشاء الإنسان الصالح. وفي الوقت الذي تهدف فيه التربيات الأخرى إلى إعداد المواطن الصالح كما يقولون ثم يختلفون على مواصفاته وكل يبني فلسفته التربوية على وفق هدفه وميوله، نجد الإسلام يهدف إلى تربية الإنسان بصرف النظر عن جنسه ولونه ولغته وبلده، فالإنسان هو محور التربية الإسلامية بعقله وروحه وجسمه وغرائزه، ونجد الإسلام يرسم المنهج الذي يوصل إلى تلك الغاية.
فالاسلام يريد الإنسان الأتقى ولذلك قال الله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}..
ويريد الإنسان العابد فقال {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}..
ويريد أيضا الإنسان الذي يبتغي رضوان الله في السر والعلن ويتبع هديه {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}..
وكما تتميز التربية الإسلامية بأنها إنسانية، تتميز بأنها دينية، تربط الإنسان بخالقه يرجوه ويخافه، وتخاطب فيه الفطرة، وتستنهض عوامل الخير في داخله..
فكيف نرسخ مبادئ هذه التربية في نفوس الأبناء حتى نخرج للأمة أجيالا صالحة قادرة على بناء مستقبل واعد وغد مشرق...؟!
القوزي
{ بداية قال الشيخ مازن القوزي رئيس دائرة المساجد في الأوقاف الاسلامية: لقد وصل المجتمع العربي إلى مرحلة لا يحترم الصغير فيها الكبير ولا يراعي فيها البعض حرمة الممتلكات العامة أو الخاصة خاصة في الأيام الراهنة، وهذا يبعدنا كل البعد عن مبادئ الإسلام السمحة التي نادى بها الإسلام ورسول الإسلام محمد صلى اللع عليه وسلم والذي كان خلقه القرآن وناداه ربه وهو المعلم الأول للبشرية بقوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
وفي هذه المرحلة الراهنة التي وصلنا إليها كان من تبعات عدم الأخذ بأسلوب الإسلام الحنيف في تربية أبنائنا وترك الحبل على الغارب كما يقولون مع عرض الأفلام المخلة في التلفاز دون رقيب وكذلك الدخول على الإنترنت دون رقيب بالإضافة إلى إهمال التربية الدينية السليمة سواء في إطار الأسرة أو في المدرسة أو في المجتمع ككل انهيار الأخلاق.
وقال: ولذلك نحن نعاني من التسيب في كل ميادين الحياة لمن فقد هذا الجانب المهم من حياتنا ففي إطار الأسرة نجد من يعق والديه وفي إطار المدرسة نجد المدرس الذي لا يراعي ضميره في عمله سواء في شرح دروسه للطلبة أو معاملتهم معاملة غير أمينة ونجد من جانب آخر إهمال الطلبة لمدارسهم وتكالبهم على الدروس الخصوصية وإرهاق أهاليهم بتكاليف زائدة على طاقتهم وفي النهاية تخريج عدد من الخريجين الذين ليس لديهم الكفاءة المطلوبة سواء الكفاءة العلمية أو الكفاءة في المعاملة السوية المطلوبة.
وتابع: وفي إطار المجتمع نجد انتشار الرشوة والفساد والعاطلين نتيجة عدم الفهم المطلوب للدين الإسلامي الحنيف وفقد العطاء وفقدان الضمير الحي في الحفاظ على سلامة الوطن ومقدراته والمواطنين وكلنا في النهاية إخوة نحيا فيه وقد أوصى الله تعالى لنا جميعا بقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، ولذلك اهتم الاسلام بتربية الأبناء واحترام الآباء واحترام كل من الزوجين بعضهم البعض، وكذلك أمر بالحرص على بر الأهل واليتامى والمساكين ليزرع الرحمة في قلوب المؤمنين، كما أمر تعالى معاملة الزوجين لبعضهم البعض بالحسنى والود والرحمة حيث إنهما عمادا الأسرة التي تنجب للمجتمع الأبناء الأسوياء إذا حسنت المعاملة بينهما وبين الأبناء بقوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
واختتم بالقول: أما عن وصايا رسول الله صلى اللع عليه وسلم في إطار الأسرة والمجتمع فقد كرم صلى اللع عليه وسلم النساء والرجال وجعل مكانتهم في الإسلام واحدة فقال صلى اللع عليه وسلم «إنما النساء شقائق الرجال» وبذلك وضع رسول الله صلى اللع عليه وسلم حسب الشريعة الإسلامية النساء والرجال في منزلة واحدة لا يزيد عليها إلا فضل القوامة ليقوم الرجل بدوره في حماية المرأة.
كما قال صلى اللع عليه وسلم في حديث رواه عنه ابن عمرو رضي الله عنهما «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع ومسؤول عن رعيته» أخرجه البخاري.
فإذا التزم الزوجان بمبادئ الإسلام وراعوا الله في معاملاتهم بعضهم البعض وراعوا تربية أبنائهم وأيضاً رعايتهم الرعاية الحقة فسوف تعيش الأسرة والمجتمع والأمة الاسلامية في أمان وتقدم دون خلافات حادة قد تؤدي بالأسرة والأبناء والمجتمع إلى متاهات لا خير فيها..
الخانجي
{ من جهته قال الشيخ محمد الخانجي: إن اتباع سنة الرسول صلى اللع عليه وسلم هي الحل الأمثل لكل مشكلاتنا الحياتية حيث انه قدوتنا ومثلنا الأعلى الذي نسير على طريقه ونلبي نداءه، ومن أهم هذه المشكلات هي طريقة تربية أبنائنا، كيف يمكننا أن نوجههم ونحسن أدبهم في ظل المتغيرات في البيئة المحيطة، فنحن نجد أن الرسول الكريم وضع منهجا متكاملا ومنظومة فاضلة تساعدنا على هذه المهمة الصعبة.
والمنهج النبوي الشريف سبق كل كتب وكليات التربية في غرس الأخلاق والقيم والمبادئ السليمة في سلوك أبنائنا من الميلاد حتى الشباب ليكونوا أصحاب نفوس طاهرة وقلوب حية.
ولذا يجب علينا جميعا اتباع منهج الرسول صلى اللع عليه وسلم في الأخلاق لقوله تعالى: {وإنّك لعلى خُلِقٍ عظيم}، وقال صلى اللع عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقال عليه الصلاة والسلام: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)، وهذا المنهج الإسلامي السليم انه يجب على الطفل من سن سبع سنوات التعود على الصلاة وتعليم الطفل قيمة الصلاة من خلال اصطحابه الى المسجد وخاصة في صلاة الجمعة، وعند 10 سنوات يصل إلى سن التكليف، اي سن البلوغ، وأعطانا عليه الصلاة والسلام منهاجا آخر عند عقاب أبنائنا وهذا المنهج النبوي هو ما شرعه الرسول عند امتناع الولد عن الصلاة لأنه صلى اللع عليه وسلم كان نبي الرحمة .
إن لهذا المنهج النبوي صورا متعددة منها قول سيدنا عمر رضي الله عنه (لاعب ولدك سبعا وأدبه سبعا وشاوره سبعا ثم أطلق حبله على غاربه) في هذا كل نظريات التربية في العالم، أي كل كتب كليات التربية لا تخرج عن هذا الحديث ومعناه انه من سن ولادة الطفل حتى بلوغه سبع سنوات هو مرحلة اللعب أي نلاعب أولادنا ألعابا هادفة تنمي الذكاء والفطنة والسلوك وتشجيعه على العمل ومن سبع سنوات إلى أربع عشرة مرحلة التوجيه والتربية والنصيحة وتأتي مرحلة المشاورة من 15 إلى 21 وهذه مرحلة المراهقة الشديدة ويحتاج فيها الولد لان يثبت كيانه وله حق في المناقشة والمداولة وهنا يجب الأخذ برأي أولادنا في هذه السن ومناقشتهم وتعويدهم على تحمل المسؤولية ثم نترك حبلهم على غاربهم بعد 21 سنة فهذه سن التكليف فلكل فرد قدرة على تحمل المسؤولية وفي هذه السن يفهم الفرد كيف يسير ويتعامل مع الناس.