بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 تشرين الأول 2019 12:04ص بعد شيوع موجة التشاؤم في البلاد..

مزوق: التفاؤل أصل في ديننا وتربية الأبناء عليه واجب...

حجم الخط
تسود مجتمعاتنا نظرة تشاؤمية تسيطر على نفوس النّاس بسبب ما تمرُّ به البلاد من أزمات اقتصادية ترخي بظلالها على الجوانب الاجتماعية للأسرة..

كيفما تسير أو أين توجد ترى نظرة التشاؤم على وجوه النّاس، هذا الأب الذي لا يستطيع تأمين قوت أولاده وإيفاء الأقساط المدرسية.. وهذا الأب الذي يذرف دموعاً لطرده من منزله لعدم إستيفاء أجاره..

ضغوطات كبيرة يتعرّض لها المجتمع تمسح نظرة التفاؤل عن الوجوه وتؤثّر على نفسية الأبناء بشكل خاص والأسرة بشكل عام.

فكم من شاب تراه يفكّر بنظرة تشاؤمية ويسعى جاهداً للسفر عن بلاده لتأمين مستقبله..


الشيخ وسيم مزوق

من أخلاق النبي

{ كيف نبثّ روح التفاؤل عند الأولاد، وكيف نربّي الأبناء على هذه الثقافة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تسيطر على الأهل؟

- يقول حبيبنا محمّد صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، ومن أعظم المسؤوليات التي تلقى على عاتق الأهل في هذه الحياة الدنيا تربية الأبناء، فالتربية في الإسلام من الأمور التي يجب على الوالدين أن يهتما بها من جميع الجوانب سواء من الناحية الأخلاقية أو الدينية أو الاجتماعية أو النفسية، وكلامنا اليوم عن زرع التفاؤل في نفوس أبنائنا لأن ديننا الحنيف يدعو إلى التفاؤل، وقد قال حبيبنا محمّد صلى الله عليه وسلم «لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح»، فهذه أخلاق النبي والأنبياء عليهم الصلاة والسلام الفأل الصالح، فعلى الأهل أولاً أن يكونوا قدوة لأبنائهم في التفاؤل ولذلك نحذّر الأهل من الوقوع في الطيرة أي التشاؤم وهو ضد الفأل خاصة فيما يمرُّ به بلدنا لبنان الحبيب من الأزمات الاقتصادية والمادية والسياسية والاجتماعية التي لا تخفى على أحد، فبعض الأهل نراهم قد أصيبوا بالقنوت أي باليأس وقد وقعوا بالتشاؤم، فالأهل عليهم أن يتفاءلوا وذلك بحسن ظنهم بالله تعالى بأن يلتجأوا إليه ويدعوه سبحانه أن يكشف الهم والغم والكرب عن المسلمين في كل مكان وخاصة في لبنان، أيضاً عليهم أن يأخذوا بأسباب زيادة الإيمان لأن التشاؤم يأتي عند البعض بسبب ضعف إيمانهم وعدم توكّلهم على الله عزّ وجلّ وزيادة الإيمان تكون أولاً بالمواظبة على الصلاة والأذكار وتلاوة القرآن وبالقناعة بما أعطاهم الله عزّ وجلّ، فإذا الأهل كانوا متفائلين سيؤدّي ذلك إلى نقل تفاؤلهم إلى الأبناء حتى بالكلام لأن الكلمة الطيبة من الفأل الصالح الحسن، فإذا بالأهل يتكلمون مع أولادهم بإيجابية وبتفاؤل ولو كان الأب يمرُّ بضائقة مادية فلا يتأفف ولا يشكو أمام أولاده، فشتّان بين أب أو متسائل من قبل ابنه بأن يشتري له لعبة معينة وهو عاجز فيقول له ليس معي مال ولن يكون معي مال ونحن فقراء وسنبقى فقراء فلا تطلب مني شيئاً، وبين أب بالوضع المادي نفسه ولكن يقول لابنه يا بني الحمد للّه نحن في نِعَمٍ كثيرة، نأكل ونشرب وعندنا صحة وان شاء الله في المستقبل أحضر لك ما تريد، فهذا الولد سيشعر بالأمن والأمان ويتوكل على الله لما يرى من والده من التوكل والفأل الحسن. أما الوالد الأوّل فترى ان التشاؤم قد تملّكه وهذا للأسف يعود غالباً لضعف الإيمان حيث ينظر إلى الأسباب المادية والى المخلوقين ولا يتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى بصلاته ويومياته. نعم علينا أن نأخذ بالأسباب التي تغيّر حال الأوضاع المادية والاقتصادية في لبنان بأن يتحمّل كل مسؤول المسؤوليات الملقاة عليه وان لم يكن أهلاً عليه أن يترك منصبه ولكن إلى أن تنحل هذه الأزمات بإذن الله، علينا أن نبقى دائماً متفائلين وكما ذكرنا هذا التفاؤل ينقل إلى الأبناء بسبب تفاؤل الآباء.

أدوار متكاملة

{ ما هو دور المدرسة والإعلام والدعاة في بث روح التفاؤل عند أبنائنا؟

- بالنسبة للمدرسة لها دور أساسي كذلك أيضاً حيث يجب عليها أن تساعد الأهل في قضية التفاؤل بواسطة الأساتذة الذين يتواصلون مع الطلاب ولو أعطوا خمس دقائق من كل حصة يبثون الأمل عند طلابهم، علماً ان الأستاذ من خلال مراقبته للطلاب أثناء إعطاء الدرس يرى وجوهاً مختلفة تنعكس عليها نفسية الولد، فيرى ولداً حزيناً فعليه أن يهتم به وأن يعطيه من وقته، فمن أسباب حزنه التشاؤم أو الاحباط الذي قد زرعه ربما بعض الآباء أو الأمهات بسبب جهلهم في التربية حتى لو اخطأ الطالب على الأستاذ المربّي أن يوجهه بعبارات فيها التفاؤل وليس بالعبارات المحطمة له، فمثلاً بعض الأساتذة الجهّال يصفون تلاميذهم بأسماء الحيوانات أو البهائم ويوجّهون لهم الألفاظ البذيئة المؤذية التي تحطّم شخصية الولد فيكره المدرسة ويتشاءم منها، وبالمقابل نجد أساتذة لديهم الحكمة ولديهم الأسلوب الحسن فيزرعون الأمل والتفاؤل عند التلميذ، فإذا رسب في مادة يقولون له عليك أن تحاول مرة ثانية فإنك ذكي ولديك الهمّة وستنجح بإذن الله، هذه الكلمات تكون سبباً لمسح الحزن والدموع عن وجهه ونرى الابتسامة والأمل والفأل عنده.

الإعلام

وقال: إما الإعلام فلديه دور أيضاً ودور خطير جداً في مجتمعنا ليس فقط بالأمور الاقتصادية بل في كافة المجالات، فنقول للمسؤولين عن الإعلام المرئي والمسموع وفي وسائل التواصل الاجتماعي اتقوا الله ولا تكونوا تبعاً لأحزاب وتيارات سياسية فإيّاكم أن تكون في الإعلام السياسي المحسوب على بعض الجهات حيث يضلل أفراد المجتمع ولا يتكلم بالحق ولا بالحقيقة، فأصحاب المنابر الإعلامية عليهم دور كبير بأن يبثوا وينشروا الحق والصدق وأن يأتوا بالمحللين الذين لا يخافون إلا من الله ويعملون على نشر الوعي وعلى نشر الحلول لهذه الأزمات ليشعر المواطن بالأمل والفأل وان هذه الأزمات ستحلّ بإذن الله تعالى ان أخذنا بالأسباب المطلوبة فالله عزّ وجلّ ابتلى لكل إنسان بمنصبه هل سيحسن استخدامه ويشكر ربه أم سيصيبه الغرور ويسيء استخدامه؟! فالإعلامي الذي يتقن مهنته ويحسنها يعمل على إيصال الخير والأمور الحسنة والفأل الصالح.

الدعاة

{ وماذا عن أدوار الدعاة؟

- وبالنسبة للدعاة إلى الله فعليهم في خطبهم ودروسهم ومحاضراتهم أن يعملوا على نشر أخلاق سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم، والأحاديث النبوية التي تدعو إلى الفأل الصالح والعمل الصالح والكلمة الطيبة وأن يفسروا الآيات التي تنهي عن اليأس إذ جاء  في قوله تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} وغيرها من الآيات التي تنهي عن اليأس من رحمة الله، فكما يقوم الداعي إلى الله بالترغيب، إلى التوبة وبالنهي عن الاسراف إلى المعصية ليتوب العاصي عليه أيضاً أن يتوجه بكلامه إلى من أصيب بالاحباط أو التشاؤم ليخرجه من الحالة النفسية المتشائمة إلى روح الإيجابية والفأل والعمل الصالح الحسن.

{ هل من كلمة أخيرة؟

- أتوجه إلى المسؤولين في الدولة اللبنانية أن يتقوا الله وأن يعملوا على إيجاد المخارج السليمة والحسنة التي تنفّس عن اللبنانيين الضائقة الاقتصادية التي يمرّون بها وأن يتعالوا عن الخلافات السياسية والحزبية وأن يتركوا المصالح الشخصية لأنهم انتخبوا ليخدموا الشعب وليقوموا بمصالح البلاد والعباد وليس من أجل أمور البلاد والعباد وليس من أجل أمور شخصية تتعلق بهم وبقراباتهم ونذكّر بالآية القرآنية {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسؤولُونَ}