بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيلول 2020 12:00ص بلادنا بين عبقرية الحاكم وجهل المحكوم...!؟

حجم الخط
أقبح القبيح أن يعيش الإنسان حزينا.. وحيدا... بلا أمل، في بلد قرّر مسؤولوه (بإبليسيتهم) أن يكون اليأس قرارا إلزاميا على كل مواطن..؟!

وأسوأ السوء... أن يكون هذا النهج الأسود، خطة للحاكم، رضي به المحكومون، حتى باتوا بلا ماضٍ يستفيدون منه، وبلا حاضر يخططون فيه، وبلا مستقبل يحسنون الإعداد له؟!

نعم...

هذه هي بلادنا أيها السادة..

بلاد الواسطة والمذهبية والطائفية والمحاصصة والانقسام..

بلاد «ضياع الحقوق» لكل مواطن.. ما دام غير تابع لفلان أو علّان..

أنها بلاد الفساد المشرعن، والظلم المقنن، واللاإنسانية المتعارف عليها كأساس في أي تعامل..؟!

أنها بلادنا، التي وبكل أسف لا اعتبار للكفاءة فيها، ولا للتميّز ولا للتفوّق ولا للجدارة ولا للعمل الصحيح ولا لأهل التخصص المشهود لهم..؟!

تجار الكلمة

والمؤسف أكثر أن المسيطرين على كثير من مقاليد الأمر فيها هم من جماعة تجار الكلمة ومستوردي الخطابات..؟!

يرددون الكلمات بلا عمل وبلا ترجمة... وحين يسألهم الناس عن صدق كلماتهم يردّدون بنفوس خانعة (أنها كلمة نقولها نمتص بها غضب الناس ثم ننعم بمكاسبها)...؟!

وتغافلوا عن أن الكلمة... هي التي حذّر المولى تعالى من المتاجرة بها فقال {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِباً}...

قالوها رياءً ومصلحة ... ونسوا أن بها كما أخبر النبي الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.. (يكبّ الناس في النار على وجوههم)..؟!

فهل بايعوا الظالم إلا بالكلمة...

وهل ناصروه إلا بالكلمة ... 

وهل أيّدوا سوء عمله إلا بالكلمة...

وهل هلّلوا لمواقفه المخزية... إلا بالكلمة...؟!

بل هم (وما أدراك من هم) لبسوا لباس الاتقياء..؟!

ولُـقنوا عبارات الأدباء...

ليقولوا بعد ذلك كلمة... تخالف نهج الصالحين والأنبياء...؟!

المسؤولون في بلادنا - وبكل صدق نقول - يعانون من فقر شديد في الأعمال... ومن تصحّر حاد في تحقيق الإنجازات.. كما يعانون أيضا من مبالغة بغيضة في الوعود الكاذبة.

ولذا كفر الشعب بهم.. وبكلماتهم.. وبوعودهم.. وبكل ما يتفوّهون به حتى أصبحوا في اللاشعور الشعبي دليلا على كل كذب ونفاق واحتيال..

نبذ الطائفية والمذهبية

إننا كمواطنين في هذا البلد نعيش حالة من اليأس ربما لم يسبق لها مثيل، ونعيش حالة من المعاناة لم نرَ مثلها من قبل على كل الأصعدة..

أما الحل... فهو أن نخلع رداء الطائفية والمذهبية البغيضة التي بسببها نظلم ونذلّ كشعب بأكمله، وإن لم نفعل فنحن لن ننال شرف الحياة بكرامة، بل كلما مرّت الأيام سنزداد سوءا وتراجعا..

الحل.. هو بنبذ هذا المرض الذي استفحل في نفوسنا جميعا حتى اتخذه كل مسؤول (فزّاعة) يخوّف بها اتباعه فيحقق لنفسه المكاسب والمصالح..

نعم... لقد أفرزت «عبقرية حكامنا» من جهة و«جهل المحكومين» من جهة أخرى «معادلة شيطانية» حوّلت الدين إلى سبب للتقاتل وإلى فتنة تشعل نيران الكراهية بين أفراد الشعب الواحد بل وأحيانا بين أفراد الأسرة الواحدة.. وإن لم نتحرك بجديّة وبوعي وبوطنية صادقة لتحرير الدين من أيدي ومن تسلّط هؤلاء التجار.. فنحن لن نكون إلا (حطبا) يوقد في هذه المعركة في سبيل (إنارة) سهراتهم وتحقيق مصالحهم..

ولا يظنن أحد أن المطالبة بنبذ الطائفية والمذهبية يعني التخلّي عن الدين أو ذوبان الشخصية الدينية، بل هي أن نكون مواطنين صالحين نعمل بهدي الدين لمصلحة الوطن والمواطن دون أي مساس بثوابت الدين.

فالمسلم وغير المسلم يعيشون في لبنان كمواطنين ملتزمين بتعاليم شرائعهم ولكن عليهم أن يرفضوا تماما تحوير وتحريف تعاليم الدين ليكون فقط مصلحة لخدمة فلان أو لعلّان..

فالدين لا يقول بالظلم.. ولا بالقهر.. ولا بإقرار الفساد.. الدين لا يرضى أن يعاني الشعب بأسره تحت ستار الدفاع عن حقوق المسلمين أو حقوق المسيحيين...؟!

الدين لا يقول بإقصاء ناجح عن عمله لإبداله بآخر فقط لأنه من مذهب معيّن أو دين معيّن..

الدين يبني.. والمذهبية تدمّر...

الدين حضارة.. والطائفية جهل...

الدين يجمع.. والمذهبية والطائفية تفرّق...

الدين عدل.. وما يمارس ظلم وإفتراء وكذب وتدليس..

الدين سلام.. وكل ما يدعونه حرب ودمار وخراب..

الشعب اللبناني مطالب بتطهير نفسه من دنس الطائفية والمذهبية أولا.. وإذا استمر كشريك في «مفسدة الاستفادة» من تلك الوساوس، واستمر أيضا في العمل على تصوير كل إصلاح أو تطهير في البلاد على إنها مؤامرة ضد مذهب معيّن أو طائفة معيّن... فحينها نحن نستحق كل ما حصل.. وكل ما سيحصل بنا...؟!

اللهم بلّغت... اللهم فاشهد..