نود في حديثنا اليوم أن نعقد مقارنة سريعة بين واقع التعليم الديني في المدارس الخاصة في أوائل القرن العشرين ومنتصفه، وواقعه في هذا القرن الحادي والعشرين ليظهر للقارئ الكريم مدى التفاوت في المستوى بين تعليم مادة الدين في المدارس القديمة والمعاصرة..
كانت الساعات المقررة لتدريس مادة الدين الاسلامي أربع ساعات اسبوعياً، اثنتان منها للقرآن الكريم واثنتان للفقه الاسلامي، بحيث يتعلم الطالب علوم القرآن الكريم من حفظ وتلاوة وتجويد وتفسير وعلوم الشريعة الاسلامية من عبادات ومعاملات، في حين أن طالب اليوم يدرس ساعة واحدة في الأسبوع، وهي غير كافية لمعرفة شؤون دينه.
وكان مدّرسو مادة الدين الاسلامي قديماً من أهل الاختصاص وحملة الشهادات العالية في الشريعة والفقه وعلوم القرآن، بينما يتنطّع لتدريس هذه المادة اليوم بعض من ليسوا أهلاً لتدريسها، وكثيراِ ما يتم تكليف مدرسي المواد الأخرى بتعليم مادة الدين، وتكون النتيجة أن مادة الدين تصل إلى أذهان الطلاب مغلوطة في كثير من الأحيان...
ولقد كان مدرسو الدين الاسلامي في بعض المدارس الخاصة يفرضون على تلامذتهم أداء صلاتي الظهر والعصر في المسجد القريب للمدرسة، فما أن يؤذن المؤذن للصلاة حتى يهرع المدرس مع تلاميذه لأداء الصلاة الواجبة في المسجد، فأين هي الصلاة في مدارس اليوم؟.
وكان مدرسو مادة الدين الاسلامي من أهل التقوى والصلاح، فقد كانوا قدوة لتلامذتهم في سلوك دروب الخير في حياتهم العامة، فلا يكذب الولد على والديه مثلاً لأن مدرس الدين علمه ان الكذب حرام في الاسلام على وجه الاجمال، في حال نرى أن معظم مدرسي مادة التربية الاسلامية لا يهتمون كثيراً بأمور الدين، فهم يدرسون هذه المادة كأي مادة أخرى من مواد المنهج الدراسي المفروض على الطلاب.
وكانت مادة التربية الاسلامية، أو الدين الاسلامي، حسب التسمية المدرسية القديمة، مادة أساسية شأنها شأن الرياضيات أو علوم الفيزياء والكيمياء، فالتقصير بها يعرض الطالب لخطر «الإكمال» أو حتى الرسوب وكانت علامتها تجمع مع باقي علامات المقرر بينما نجد اليوم أن هذه المادة أصبحت مادة ثانوية، والتقصير فيها لا يقدم ولا يؤخر، وكأنها مادة لا قيمة فعلية لها...
واننا نرى أن العلاج الأنجع لانتشال الجيل الجديد بما يتخبط به من قلق وضياع وفساد كبير هو في يد مدرسي التربية الاسلامية في المدارس، بالإضافة إلى الخطباء والوعاظ في المساجد، فبيدهم الحل لإنشاء جيل جديد يتحلى بالفضائل والصفات الحميدة التي علمنا إياها الاسلام.
أليس عيباً ان نكون في القرن الحادي والعشرين ولدينا كل وسائل المعرفة الميسرة والسريعة، والمكتبات المنتشرة في جميع المناطق، ومع ذلك فاننا نرى معظم أبناء جيلنا الجديد لا يفقه من دينه شيئاً، بل هو على العكس يحفظ عشرات الأغاني للمطربين والمطربات عن ظهر قلب، ويجهل أبسط أحكام الشريعة، أو سيرة الرسول الكريم، أو نبذة عن حياة الصحابة رضوان الله عليهم.
نحن بحاجة إلىتغيير المجتمع، والتغيير يبدـأ من المدارس والمساجد، ونحن كفيلون بأننا بعد خمس عشرة سنة تقريباً يكون عندنا جيل جديد مختلف عن جيلنا الحالي، يعرف دينه ويتمسك بعقيدته ليكون نواة لبناء أمة قوية قادرة على مواجهة التحديات والنصر على الأعداء والنهوض بالأمة إلى أعلى المستويات.
خليل برهومي