بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الثاني 2018 12:01ص توثيق العقود والمعاملات المالية

حجم الخط
توثيق العقود والمعاملات المالية

* لماذا اهتم الإسلام بتوثيق العقود والمعاملات المالية والتجارية بين الناس؟ 

نديم يوسف - بيروت

- لقد سعى الإسلام إلى تحقيق أرفع أنواع الأمن الذي يتمثل في الأمن المدني أو أمن المعاملات المالية والتجارية حتى إن أطول آية في القرآن الكريم هي في سورة البقرة (الآية 282) وتسمى آية «الدْيِّن»، وهذا الأمن يتحقق بمراعاة ثلاثة أمور هي حفظ المال. وحبس النفس عن الظلم. وضبط الذاكرة الضعيفة. 
أما بالنسبة لحبس النفس الظالمة عن الظلم فهذا نراه في حرص الإسلام على كتابة المدين مديونيته قبل الدائن في الحديث الصحيح عن الرسول  صلى الله عليه وسلم  «ما حق أمرئ مسلم له شيء يريد ان يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصية مكتوبة عنده»، أما بالنسبة لتفاصيل التوثيق فقد أنزل الله عز وجل آية في سورة البقرة لتوضح هذا الأمر. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}.. وفيها: 
1- الأمر بكتابة الدين وهذا يعني وجوبه عند بعض العلماء والاستحباب عند جمهور العلماء. 
2- وجوب ان يكون كاتب العقود شخصا مجيدا للكتابة وفقهها وعلمها وشروطها وتوثيقها والمساغ منها وغير المساغ والمطلق والمقيد. 
3- الأمر بأن تكون الكتابة بالعدل بألا يزيد الكاتب ولا ينقص في الدين الذي يكتبه ولا يقيد أحد العاقدين بشروط شديدة ويحل الطرف الآخر من كل العقود والشروط بل يكون عادلاً في كتابة أصل الدين ومراعيا العدل في الالتزامات بين الفريقين وسبحان الله الذي وصف الذي يكتب العقد بلفظه «كاتب» دلالة على حرفيته ومهارته في الكتابة. 
4- يحرم شرعاً على العالم بفقه العقود بأن يمتنع عن الكتابة اذا دعى إليها. ولقد قال الفقهاء: «إن الكتابة فرض عين» بمعنى اذا امتنع أهل قرية عن الكتابة اثموا بل إنه يجب على أهل كل قرية وجود كاتب بينهم. 
5- الذي يمثل الدين هو المدين لأنه إقرار منه بالدين الذي في ذمته. 
6- في حالة كون المدين فاقداً للأهلية أو غير كامل الأهلية كالسفيه والجاهل والصبي والعجوز يجوز ان يقوم مقامه الولي الشرعي أو الوصي أو الولي الذي يقيمه القاضي. 
7- الأمر بكتابة الديون المؤجلة ودعوة المتداينين ان يطلبوا شهداء عدول فقال سبحانه في الآية «شهيد» ولم يقل شاهد إشارة إلى ضرورة ان يتسم بقوة الضبط والصدق والمروءة. 
8- الأمر بتوثيق العقد في السفر حتى إذا لم نتمكن من الشهادة والكتابة يكون الرهن. والرهن هو المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفي من ثمنه إذا تعذر استيفاؤه ممن عليه، والباحث في الفقه الإسلامي يجد اهتمام فقهاء الإسلام بأحكام العقود وخاصة عقود المعاوضات وهي العقود التي يقصد منها الكسب والعوض مثل البيع والشراء والمضاربة والقرض والمزارعة، والله اعلم.