بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 أيلول 2019 12:03ص ثقافة الرضى بالظلم... والقهر

حجم الخط
يظن كثير من الناس أن الإكثار من الصلاة والصيام هو قمة العبادة... وان الابتعاد عن ملذّات الطعام، وعن الفاخر من الثياب، والسير على الأقدام رغم القدرة على شراء السيارة هو قمة الزهد، وان الانفاق لكل ما نملك هو قمة العطاء...

والحقيقة أن هذه المفاهيم خاطئة... وان الإسلام كما دعا الى عبادة الله حرّض على إتباع قاعدة (ان لنفسك عليك حقا)... وحرّض أيضا على سلوك ما دعا إليه سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه عندما قال: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا (مخلّدا) واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا...

وهذه المفاهيم الخاطئة نبّه إليها الإمام الغزالي... حيث كتب رحمة الله عليه:

سيقنعونك أن الفقر ليس عيبا... وأن الله يحب الفقراء أكثر... وأن النبي عليه الصلاة و السلام كان فقيرا... وأن القناعة كنز لا يفنى... وأن الزهد فضيلة... وأن الطمع رذيلة... وأن الطيبة هي رأسمال الفقراء... وأن الأغنياء هم محض مصاصي دماء.

إنه نوع جميل من المخدرات... ستجعلك تستمتع بفقرك... تستلذّ بحاجتك، ترضى بضعفك وقلّة حيلتك!!

وتعليقا على ذلك.. يعني أنك يجب أن تبقى مقيما عند أسفل السلم... تتمتع بالمهانة والمذلّة... والخنوع والخضوع... مؤمنا بقاعدة - مكتوب علينا... وهذا قدرنا - لا ليس قدرك أبدا... قمْ وانتفضْ فأنت لم تقرأ الجملة حتى منتهاها...

يضيف الإمام أبو حامد الغزالي: لن يحدثك أحد عن عثمان وجيش العسرة... ولا عن طلحة وسخائه، ولا عن الزبير وعقاراته... ولا عن ابن عوف وتجارته... ولا عن ابن أبي وقاص وصدقاته، رضوان الله عليهم أجمعين.

لن يحدثك أحد عن إستعاذة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه من الكفر والفقر... ولا أن اليد العليا خير من اليد السفلى... ولا أن المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف... بل سيقولون لك إنه لا بأس أن تكون (فقيرا، ضعيفا، محتاجا) فحينها، لن تسأل... لن تنتقل لمرحلة تطالب فيها بأكثر من قوت يومك.

إنها ثقافة الرضى بالظلم... وبالقهر... وانك إذا تمرّدت على سياسة الانبطاح... وعلى سياسة الاستضعاف... فحينها، ستصبح مزعجا، متطفّلا، متجاوزا لمكانتك.

وان اللبيب من الإشارة يفهم!!!