بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تموز 2019 12:02ص ثلاثية الفوز..؟!

حجم الخط
توقفت كثيرا عند قول الله تعالى في سورة الفرقان {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} فوجدت فيها «ثلاثية الفوز» لأي مؤمن، ثلاثية تبدأ بالتوبة الصادقة ثم الإيمان النقي ثم العمل الصالح..

ولكن الغريب أن هذه «الثلاثية القرآنية» رغم بساطتها ظاهريا، فهي شديدة الصعوبة عمليا، خاصة في عصرنا الذي أصبح معاديا لكل عملية إصلاحية، وهل التوبة والإيمان والعمل الصالح إلا قمة الإصلاح...؟!

انظروا من حولكم... تدبّروا أحوال الناس وأوضاعهم... ثم زنوا كل مشاهداتكم في ميزان هذه «الثلاثية المباركة».. ألا تجدون أنها الدواء لكل داء في مجتمعاتنا..؟

أليست معاناتنا في إصرار الفاسد على فساده... ورفضه للتوبة..؟!

أليست في عناد البعض ورفضهم الإيمان.. ثم محاربة أهله..؟!

أليست في الأعمال الخبيثة والخطوات الإفسادية... ومواجهة كل عمل صالح..؟!

إن هذه الثلاثية شفاء للأفراد وللمجتمعات، والعجب كل العجب لمن وَعَى أبعادها وأدرك معانيها ولم يعمل بها.

والأجمل.. أن فوق رسالتها الإصلاحية هناك رسالة إيمانية تفاؤلية... تخبرنا بكل صراحة بأن الأمل بالفوز موجود في كل زمان ومكان، وبأن رحمة الله واسعة، فلا يأس ولا تشاؤم ولا إحباط ما دمنا أحياء بالإيمان على هذه الأرض...

وليست رحمة الله تعالى في محو ذنوب من عمل بهذه الثلاثية فحسب... بل أيضا في كرمه سبحانه الذي يبدّل كل ما فعل العبد من سوء إلى حسنات يثاب عنها ويؤجر الأجر العظيم..

نعم أيها السادة..

إنها مفاعيل التوبة والإيمان والعمل الصالح التي جعلها الله رحمة للعباد، {ذلك مِن فَضْلِ اللَّـهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}.

إننا بحاجة كبيرة إلى حسن تعريف الناس على أنوار هذه «الثلاثية المباركة» ليس بالكلام.. ولكن بالفكر والوجدان، حتى نبعث الأمل والعمل في حياتهم، خاصة في ظل الانتشار المستغرب لمختلف عوامل التيئيس من حولنا.

فإن الإيمان الحقيقي ليس شعورا يستقرّ في القلب وانتهى الأمر، بل هو يقين عملي يشع نورا وإصلاحا وصلاحا وإبداعا في كل الجوارح حتى يصبح صاحبه نموذجا مشرّفا عنه، وأي تديّن يناقض هذه الثلاثية في جوهره وآثاره.. هو تديّن مغشوش سينهار بناؤه عاجلا أو آجلا..!!