بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آب 2018 12:03ص حجاج على مواقع التواصل..؟!؟

حجم الخط
منذ سنتين تقريباً كتبتُ مقالاً قلت فيه بأنّ الحج في حياة المسلم رحلة العمر، التي يعيش حياته كلها يتمنى تحقيقها، وفي سبيلها يضحّي بالغالي والنفيس، ويترك الأهل والأحباب، ويعتزل الدينا ومغرياتها، ولذا تربينا منذ الصغر، ونحن نسمع عن الجو الإيماني الراقي، الذي يتمتع به الحاج في الديار المقدّسة، وعن الخشوع الصادق، الذي يتحقّق في نفوس ضيوف الرحمن، خلال هذه الرحلة المباركة، وبيّنت أنّه وللأسف الشديد يبدو أن الأمر قد اختلف عند كثير من الحجاج، فباتت رحلة الحج رحلة للسياحة والتسوق والتصوير..؟!؟
فإما إنّها رحلة للسياحة لأن كثيرا من إخواننا باتوا يهتمون بالهدايا وزيارة الأماكن السياحية أكثر من اهتمامهم بحسن أداء الفريضة على الوجه الشرعي الصحيح المطلوب..؟!
وإما عن كونها رحلة للتسوق فلأن ما نراه من البعض من عناية مبالغ فيها في شراء الهدايا ونوعيتها وأشكالها وكيفية توضيبها وأساليب تزيينها وغيرها من الأمور... بات الشغل الشاغل، وحتى في طوافهم وسعيهم يفكرون فيها وفي أماكن شرائها..؟!
وإما إنّها رحلة للتصوير فهذا ما أريد فعلا التوقّف عنده وبشدة... فمنذ فترة ونحن نلاحظ أن كثيرا من ضيوف الرحمن باتوا لا يقومون بتأدية نسك ولا ركن ولا سنّة في الحج إلا وهم (أون لاين).. أي كل خطوة يقدمون عليها يسجلونها في حالتهم عبر صفحتهم على الفايسبوك ويضعون الصور والتعليقات..!؟ 
فأي خشوع هذا الذي سيتحقّق لمسلم انشغل خلال أغلى اللحظات وأغنى الساعات بتصوير موقع هنا أو جبل هناك..؟!
بل أي تجرّد من الدنيا نراه عند كثير من هؤلاء بينما هم كيفما ساروا لا ينشغلون إلا بتصوير من معهم... ثم تعديل الصورة بالبرامج الخاصة... ثم رفعها على الموقع.. ثم انتظار التعليقات والرد عليها..؟!
إن الحج أيها السادة - ليس كما يظن اليوم كثير من هؤلاء - عبادة تؤدى وانتهى الأمر.. بل هو رحلة العمر التي قد لا يتيسر أداؤها مرة أخرى، وبالتالي على كل من أنعم الله عليه بها أن يتجرد من الدنيا قلبا وقالبا... جسدا وروحا.. نفسا وعقلا... وأن يخلص العبادة لله فلا ينشغل إلا بمن هو في ضيافته، ولا يعمل إلا من أجل مرضاته، ولا يقدم على أي خطوة إلا في سبيل الله..
غفر الله لنا ولكم.. ويسّر طريقنا وطريقكم.. وتقبّل منّا ومنكم.