بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 حزيران 2018 12:03ص حصنوا أولادكم من خطر للإنتحار

حجم الخط
الدكتور طه حبيشي*

لماذا ارتفعت نسب الانتحار بين صفوف الشباب المسلم في مختلف البلاد العربية والإسلامية؟
ولماذا أصبح إقدام إنسان مسلم على قتل نفسه أهون عنده وأسهل من الصبر والبحث عن مخرج جدي لأزمته أيا كان نوعها أو شكلها..؟! 
بداية نقول إن الانتحار حدث اجتماعي وسلوك فردي نراه في المجتمع والأفراد فنستدل من خلاله على أن هناك مشكلة قد وقعت في المجتمع وأثرت على نفوس الافراد. وهي في كل مجتمع لها مظهران الأول فردي والثاني أن تتحول إلى ظاهرة اجتماعية. 
والمسؤول عنها في كل الأحوال هو النظام الاجتماعي الذي يحكم الناس فقد نرى هذا النظام لا يحقق العدالة الاجتماعية ولا يلبي طلبات الأفراد الفكرية أو الاقتصادية أو ما يشبه ذلك، وأضاف ان الإسلام قد استوعب هذا المفهوم ووضع له الحلول ولابد أن تكون الحلول واقعية. 
والإسلام الحنيف وضع من الحلول ما يعالج هذه الأزمة بحيث لا تصل إلى الانتحار بطريقين لا ثالث لهما.. الأول يتمثل في رفع المعاناة عن الأفراد بزيادة الوفرة الاقتصادية وتحقيق المعادلة في توزيع الفائض الاقتصادي وهذا أمر مطلوب من الشارع ولا يتسامح فيه وهو مسؤولية النظام الاجتماعي واصحاب القرار.. 
ولكن المشكلة قد لا تكون اقتصادية وانما قد تكون ثقافية أو فكرية بحيث يجد الشاب نفسه بين تيارات ثقافية متلاطمة ومتناقضة قد تطول العقيدة فلا يعرف الانسان من يعبد من الآلهة المتعددين الذين أشاعهم أهل الضلال في المجتمع وحينئذ يجد نفسه فريسة تتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق تصديقا لقوله تعالى في سورة الحج: {ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق}.
وهذا النوع من الاضطراب الثقافي والعقدي مسؤول عنه أهل الرأي والفكر والعلماء على العموم داخل الجماعة وهم مسؤولون مسؤولية مباشرة عن هذا الاضطراب وتزداد المسؤولية إذا كان هؤلاء الناس هم الذين قد صنعوا هذا الاضطراب الثقافي والعقدي ابتغاء مصلحة هذا أمر يحدث في بعض المجتمعات بعضه جريمة يرتكبها المثقفون بإشاعة الفساد الفكري بين الناس وبعضها جريمة يرتكبها المثقفون باعتبارهم أصحاب وظيفة داخل الجماعة. 
والإسلام يتوجه إلى الجماعة بتكليف صارم أن يرفعوا المعاناة بجميع أنواعها عن الأفراد حينئذ يذهب الضغط عن النفوس ويتوارى إلى غير رجعة. وفي حالات استثنائية قد لا تستطيع الجماعة أن تستجيب إلى أمر ربها في ازالة الضغوط عن الافراد بسبب ظروف اقتصادية معينة أو بسبب تيارات ثقافية واردة تحتاج إلى بعض الوقت للتخلص منها، وفي هذه الحالة الاستثنائية يتوجه الإسلام إلى الافراد بتعاليمه التي تعلمهم ان الشدائد حالة استثنائية ثمرتها العودة إلى الله. 
يقول تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإنا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون}.
* الاستاذ بجامعة الأزهر