إن الحق سبحانه وتعالى يحب هذا الخُلق الكريم من عباده، يحب سبحانه الحياء «لأنه حييّ ستير يحب الحياء والستر»، وهو جلّ في علاه مع كماله المطلق وغناه عن خلقه يستحي من هتك العاصي وفضيحته، يستره ويعفو عنه ويغفر له.
وقد جاء في الحديث عن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حييّ كريم، يستحي إذا رفع الرجل يديه أن يردّهما صفراً خائبتين»، وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «إن الله عزّ وجلّ يستحيي من ذي الشيبة المسلم، إذا كان مُسّدِّداً كروماً للسنّة أن يسأل الله فلا يعطيه».
والمتأمّل في هذا الكلام يجد مدى العلاقة الوطيدة بين خُلق الحياء والخوف من الله - عزّ وجلّ - والذي هو من أجلّ منازل السائرين إلى الله. ولا شك أن الخوف من الله تعالى يبعث على العمل الصالح والإخلاص فيه، فلا يشغله مال ولا تجارة ولا إغراء دنيوي: {رِجَال لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلا بَيْع عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}..
والخوف من الله هو الذي يجعل الإنسان المؤمن في ظل الله يوم القيامة كما ورد في حديث السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله».
لقد كان حياؤه سبباً في خوفه من الله وهذا الخوف هو الذي منعه من ارتكاب ما حرّم الله، فكان الجزاء يوم القيامة أن يظلّ في ظل العرش يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق فيغرق الناس في العرق، فرزقنا الله وإياكم الحياء وجعلنا من الداعين إليه والعاملين به.
الشيخ زياد زبيبو