بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 نيسان 2020 12:00ص رغم وباء كورونا والمعاناة التي ألمّت بنا رمضان.. فرصة لتكفير الذنوب وتطهير النفوس

حجم الخط
هلَّ علينا شهر كريم عظيم، صُفِّدت فيه الشياطين، وغُلِّقت أبواب النار، وفُتِّحت أبواب الجنة.. ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. وفي كل ليلة من لياليه عتقاء من النار، هو شهر الخير والمواساة.. يزداد فيه رزق المؤمن.. شهر البركة والأمن والأمان والقُرب من الله الواحد الديّان، فإنه مناسبة سنوية لتطهير النفوس والأبدان مما علق بها طوال العام.. فتجدّد فيه للصائمين خلايا أجسامهم التالفة، ويتجدّد إيمانهم، ويجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار تسمو فيه نفس المؤمن فتحلّق مع الملائكة، وتتحلّى بالفضائل وتتخلّى عن الشهوات والمنكرات.

ورغم المعاناة التي ألمّت بنا بسبب فيروس كورونا... يبقى شهر رمضان المبارك فرصة سنوية لمحو وتكفير الذنوب وخروج المسلم منه إنسانا آخر، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى جعل أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة.

بيطار

بداية، قال الشيخ علي بيطار، إمام وخطيب مسجد الخضر، أنه يجب علينا أن نجعل هذا الشهر العظيم فرصة للتصافي والتآخي والتراحم والتواصل فيما بيننا، ونتخلى عن المشاحنات والخلافات، وننقّي أنفسنا ونصفّيها تجاه الآخرين مما أصابها في الفترة السابقة، لنعود إلى الصفاء تجاههم، وهذه دعوة للجميع من أجل أن يمدّ كل منا يده للآخر مسامحا، ولن نترك الخلافات تكثر وترسب في نفوسنا التنافر والتناحر والتنابز وخلافه، فرمضان هو شهر التصافي، ونبذ الخلافات، وتنقية القلوب مما علق بها، هو شهر العفو عمن أخطأ في حقنا، يقول تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}، وعلينا أيضا أن نجعل شهر رمضان فرصة لأن نصل أرحامنا التي حثّنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ونداوم على فعل الخيرات به.

وأضاف: انه شهر العبادة والذكر والصدقة، هو شهر الرحمة والمغفرة، وهو سيد الشهور كلها، اختصّه الله تعالى بالخير العظيم فأكثر فيه من الغفران، ومحو السيئات، وإقالة العثرات، ورفع الدرجات ومضاعفة الحسنات، واستجابة الدعوات، ونجّى فيه من النار كثيرا، وعمّ فيه الخير واليمن والبركات، وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، لذا علينا أن نستغل هذا الشهر الكريم في العبادة والطاعة وألا نهدر أوقاتنا في أشياء غير ذي جدوى، بل يجب علينا أن نطلب فيه العلم ونجالس العلماء والصالحين، فشهر رمضان هو فرصة عظيمة علينا ألا نفوّتها بل نغتنمها ونستفيد منها، بالنسبة للعلم والعبادة والطاعة للّه تعالى في كل شؤون حياتنا.

واختتم بالقول: على المرء أن يكون من السابقين إلى هذا الشهر الكريم ومن المتنافسين فيه، قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، قال الحسن البصري رحمه الله: «إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلّف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون! ويخسر فيه المبطلون!» كما أنه يجب على كل أحد منا أن يعقد النيّة والعزيمة على ترك الذنوب والتوبة؛ لأن هذا الشهر يُعد فرصة حقيقية للتغيير، وفتح صفحة بيضاء مع الله تعالى ومع خلقه يقول تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

البدوي

أما الشيخ أحمد رجب البدوي فقال ان شهر رمضان هو البعث الإيمانى للأمة كلها، فهو شهر التوبة والتقوى، كما انه شهر له مميّزات خاصة تجعله متفرّدا عن غيره من الشهور، وقد جاءت فى ذلك أحاديث كثيرة منها، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين»، وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «برغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر، فلم يدخلاه الجنة».

وأشار الى ان شهر رمضان المعظّم يعتبر موسما لتكفير الذنوب والخطايا، ولقد جاء ذلك في الحديث الشريف عن أبي هريرة أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم كان يقول «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» موضحا ان الشهر الكريم الذى يحلّ علينا ضيفا مرة كل عام هو بمثابة مدرسة للتربية على التقوى، وهي حكمة من حكم تشريع صومه، قال تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ومن المعلوم انه كلما قلّ الأكل ضعفت الشهوة، وكلما ضعفت الشهوة قلّت المعاصي، ولأن الصيام كما قال عليه الصلاة والسلام فى حديثه الشريف «الصيام جُنّة» وسبب التقوى، لأنه يميت الشهوات.