بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 أيار 2018 12:03ص رمضان شهر التقوى

حجم الخط
عندما فرض الله سبحانه وتعالى علينا الصيام كان ذلك لحكم كثيرة، لعل أعظمها وأهمها هي أن يخرج المسلم من شهر رمضان وقد أصبح من أهل التقوى، يقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. 
ومن هنا نقول لكل الأباء والأمهات... علموا أولادكم أن غاية الصيام هي تقوى الله عز وجل بكل ما تعني الكلمة من معاني الخوف من الله ومراقبة الله ومحاسبة النفس ومجاهدتها، والتزام الأوامر والابتعاد عن كل ما نهى الله عز وجل استعدادًا ليوم الرحيل، وكل هذا يدل على التقوى، وكل هذا يوفره الصيام للمسلم حتى يصل إلى درجة المتقين.
وما أجمل تفسير الإمام الرازي لتلك الآية حيث شرح كيف يورث الصوم التقوى؛ لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى؛ فإنه يردع عن الأشَر والبطَر والفواحش، ويهوِّن لذّات الدنيا ورياستها؛ وذلك لأن الصوم يكسـر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين؛ فمن أكثرَ الصوم هان عليه أمر هذين وخفَّت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعاً له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهوِّناً عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى، فيكون معنى الآية: «فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم».
من ذلك علمنا أنه ليس المقصود من الصيام الجوع والعطش المجردين من تأثيرهما على المسلم، ولكن المقصود هو ترويض النفس لنصل إلى التقوى، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «من لم يَدَعْ قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامه وشرابه».  والتـقوى هي حالة قلبـية ومنزلة إيمانية رفيعة، لا تأتي إلا بالمجاهدة؛ فهي تطبع صاحبها بطابَع الخشية لله في السر والعلن، كما تحثه على مراقبة الله في جميع الأفعال والأقوال بل حتى في الخواطر التي قد تخطر على قلب الإنسان.

الشيخ زياد زبيبو