لا شك أن شهر رمضان المبارك يأتي هذا العام مختلفا عن أي رمضان سابق، فهو يهلّ علينا في أيام شدّة وبلاء وانتشار لوباء نسأل الله تعالى أن يرزقنا القضاء عليه.
وإن كان من كلمة تقال مع قدوم شهر الخير في هذه الأجواء فهي دعوة لكل مؤمن بحق.. أن يعمل بما أمر الله لننال ما وعد الله سبحانه، وذلك مصداقا لقوله {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا َيَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، فالمطلوب من الجميع صغار وكبارا.. ذكورا وإناثا.. أن يعملوا بتقوى الله.
ولكن التقوى ليست كما تعوّد الكثيرون منا للأسف.. ليست كلاما جافا.. أو حركات جسدية... أو ألفاظا لسانية.. بل هي منهج حياة كامل متكامل يجعل كل ما في حياة المؤمن مبنيا على طاعة الله ونشر الصلاح والإصلاح.
التقوى في الأخلاق... وفي التعاملات.. وفي السلوكيات.. وفي الأقوال.. وفي التفكير.. وفي النظرة للكون وما فيه.. وفي كل مجالات الحياة.
التقوى... في الإحسان لهذا الدين بحسن تطبيقه، والإحسان للسنّة النبوية بعدم تشويهها، وفي حضارية عرض الإسلام وتعريف الناس به..
مشكلتنا أيها الأحبة وبكل صراحة... أننا تعوّدنا على قولية الإيمان حتى غابت مفاعيل التقوى عن حياتنا، فبتنا نقول ما لا نفعل.. وندعو لما لا نلتزم به.. وننكر ما أدمنا عليه.. ونرفض كل نقد بنّاء.. حتى تحوّلنا إلى أعداء لأنفسنا.. ومسيئين لديننا..؟!
رمضان هذا العام.. يدعونا كي نرجع إلى العمل بحقيقة ديننا فنصلح العلاقة معه ونكون فعلا مؤمنين..
يدعونا إلى التغيير الإيجابي... والتجديد الصحيح... حتى لا نستمر في غربتنا عن الإسلام الحقيقي..
إنها فرصة ذهبية علينا أن نحسن استثمارها، وخاصة أن مواطن الضعف قد كشفت معظمها خلال الأزمة التي نعاني منها، سواء من الناحية الفكرية أو العملية أو الاجتماعية أو غيرها... فلنعاهد الله على الإصلاح والصلاح والاستقامة والاعتدال لنصل إلى التقوى.
يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فليكن رمضاننا سير في طريق التقوى... وإلا فسنبقى كما نحن بل سنتراجع مئات السنوات إلى الوراء... فوق تراجعنا..؟!