بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 شباط 2018 12:03ص سرطان الفقر يطيح باللبنانيين ولا أحد يسأل..؟!

حجم الخط
اسمحوا لنا بداية أن نعترف جميعا أن المجتمع المسلم الذي ينتشر فيه الفقر والعوز والحاجة والسؤال والجهل والعنوسة والأمية وإهمال الأيتام والأرامل والتخلي عن المرضى و...، لا يمكن أن ينتج تدينا سليما داخل الأسر والبيوت، وإنما سينعكس هذا الاعوجاج فسادا وظلما وتحاسدا وتقاتلا وفرقة، وسيترجم إلى حالات انتحار وطلاق وخلافات أسرية وشيوع الكآبة وكفر بالوطن والمسؤولين والمرجعيات وبكل شيء... 
ولذلك حذرنا النبي  صلى الله عليه وسلم  من هذه الآفة فقال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، فإذا هذا التداعي لما فيه مصلحة المسلمين مطلوب من عامة المسلمين، فكيف بمَنْ مِن المفترض أنهم القادة والمسؤوليو وأغنياء المجتمع..؟!
ولعل من أخطر ما أنتجه غياب معالجة ومتابعة الجانب الاجتماعي هو ظهور جيل من أصحاب الفكر المعوج الذي (وربما لهدف في نفسها؟!) راح يروج بين صفوف المسلمين عامة  تفسيرا مفاده أن على المسلم التقي الملتزم أن يكون فقيرا ومكسور الجناح ومحتاجا..؟!؟ وعللوا هذا المفهوم بأنه من الزهد المطلوب في الدنيا، ومن هنا رأينا في مجتمعاتنا الإسلامية البعض من الذين آمنوا بهذه الفكرة فساء لباسهم وتدهورت أحوالهم واضمحل فكرهم وأهينت كرامتهم وتشوهت علاقاتهم مع الناس وأساؤوا إلى صورة المسلم، فجنوا بأيديهم على أنفسهم ثم قالوا: «نحن زاهدون عن الدنيا»..؟؟ 
أيها السادة ... إن تاريخ الإسلام العظيم عبر مختلف العصور، يحدثنا عن الكثير الكثير من الصحابة الكرام والتابعين وتابعي التابعين والسلف الصالح الذين كانوا من أغنى أغنياء المسلمين وعاشوا وهم أغنياء، ولكنهم أحسنوا العيش مع الغنى وهذا بيت القصيد، لأن المطلوب أن نحسن العيش مع الغنى لا أن نسعى بأيدينا إلى الفقر أو أن نروّج له أو أن نهمل علاجه، فالفقر في كثير من الأحيان يذهب بدين المرء والتزامه وحسن خلقه، فإن الفقير المحروم كثيراً ما يدفعه بؤسه وحرمانه وخاصة إذا كان إلى جواره الطامعون إلى سلوك ما لا ترضاه الفضيلة والخلق الكريم، ولهذا قالوا: صوت المعدة أقوى من صوت الضمير، وشرّ من هذا أن يؤدي ذلك الحرمان إلى التشكيك في القيم الدينية نفسها..؟!
نعم.. إن أي نشر لهذه الآفة أو تكاسل في معالجتها سيؤدي إلى غياب مبدأ الأخذ بالأسباب وسيكون بمثابة تمكين لغير المؤهلين من السيطرة على مقدرات الكون وخيرات الأرض وحرمان لمن يستحق..
ومن هنا اسمحوا لنا أن نرفع الصوت عاليا بوجه كل المعنيين عن قضايا اللبنانيين عامة ونطالبهم بالسعي الفعال لحل هذه المشاكل التي تكاد تطيح بالأسروالأبناء جميعا وطبعا بالطاقات و المقدرات التي نريدها عزيزة وكريمة في لبنان..؟!
إن الغنى أيها المحترمون أو السعي إليه ليس عيبا ولكن العيب أن يسعى المرء إليه بطرق ملتوية فيتصوره بطشا وظلما وسرقة وتسلطا على الناس..
وكذلك الفقر ليس عيبا ولكن العيب أن يسعى إليه عامدا فتفتقر النفوس إلى الرضا والتسليم وتحيا في سخط من وعلى الناس فيسخط الله تعالى علينا..