بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 أيار 2018 12:05ص شهر التصالح وتهذيب النفوس: دعوات لاغتنام الصوم كخطوة في سبيل إنهاء الخلافات بين الأفراد

حجم الخط
 
يعتبر شهر رمضان المبارك أفضل وقت لإصلاح النفس والإستراحة من حالة الخلاف والتناقض مع الذات ومع الأسرة ومع المجتمع، كما هو شهر مراجعة النفس لإعادة ترتيب أمورها كما يرضي الله تعالى..
فرمضان شهر التصالح مع المحيط و مع الكون كله ، وهو مساحة نقية صافية تفتح صفحات جديدة للعلاقات بين المسلمين بعيدا عن كل تعصب أو غضب أو صراع.
ولكن يبقى السؤال ... 
كيف يمكن للمسلم أن يصل إلى هذه المرحلة الراقية...
وما هي الخطوات التي نجعل نفوسنا قابلة للاندماج مع حقيقة الصيام قولا وعملا.. 
وكيف يمكن لنا أن نكون على مستوى رقي وشرف هذا الشهر الكريم..؟!
بيطار
{ بداية أكد الشيخ علي بيطار إمام و خطيب مسجد البسطا التحتا أنه وللأسف ما زال من المسلمين حتى الآن من لم يستفد من الهدف الأساسي الذي من أجله فرض الله الصيام ألا وهو تربية الإرادة القوية والعزيمة التى لا تلين داخل العبد المؤمن كي يحصل بصيامه درجة التقوى،  فالصيام هو لون من ألوان التدريب على إمتلاك الإرادة القوية الدافعة لفعل الخيرات وترك المنكرات أما أن نستعد لرمضان بالمزيد من الطعام والشراب وغير ذلك من ألوان الطعام المختلفة يدل كل ذلك على أننا لم نستوعب حتى الآن لماذا فرض الله رمضان؟..
ومن هنا نطالب الجميع في مشارق الأرض ومغاربها أن يستغلوا هذه الفرصة للحصول على المزيد من الرتب الإيمانية فأنت مؤمن حين تصوم إيماناً وإحتساباً تصبح تقيا، ولقد علق الإمام ابن كثير فقال كل من كان تقياً كان لله ولياً {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم}.
وتابع: إن شهر رمضان المبارك هو شهر إختبار النفس والقدرة على التحمل والقدرة على تنمية الذات بما يواكب التحديات المحيطة بها بالرجوع إلى الماضي .. كل النجاحات التى يقوم بها الإنسان لا تحدث من فراغ بل دائماً تحدث نتيجة ضغوط ، ثم لاقبال الفرد بذاته على إحداث التغيير في البيئة المحيطة فيه، ولذلك شهر الصيام هو شهر اختبار الفرد لقدراته على تحمل المعاناة سواء كانت جوعا أو عطشا أو ضبط النفس بما يوائم القيم الإسلامية الحميدة ويكون هذا الشهر نهراً روحانياً عظيماً فالإنسان يتكون من جسد وروح، فغذاء الروح العبادة والصلاة وغذاء الجسد المادة فيجب علينا أن ننتهز هذا الشهر الكريم في احداث التغيير في حياتنا فمن كانت له عادة سلبية حان الآن الوقت للتخلي عنها فمن يقدر على تحمل الجوع والعطش وهي الحاجات الأولية والأساسية في حياة الإنسان لهو قادرعلى تحمل أي معاناة أخرى.
وأضاف: يا ليتنا نتسامح وتتصافى قلوبنا مع بعضنا البعض في شهر رمضان لنكون بقية العام أخوانا كما أراد الله تعالى،  فهو الذي أمرنا بالعفو فقال، {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وقال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وهو أيضاً الذي أمرنا بالإحسان فقال تعالى {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. 
أما في السنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه، وغيره من الآيات والأحاديث الدالة على فضل العفو والصفح عن الناس وأن يصبر على الأذى ولاسيما إذا أوذي في الله فإنه يصبر ويحتسب وينتظر الفرج، وشهر رمضان الفرصة المثلى لتحقيق هذا الأمر في حياتنا كأفراد وكأمة.
فرصة مباركة
{ أما الأخصائية الاجتماعية مي نجم فأكدت أن شهر رمضان الكريم يعطي الصائم فرصة متجددة لإعادة إكتشاف نفسه وتحديد طاقاته النفسية وهو الشهر الذي تنصلح خلاله العلاقة بين أعمال الدنيا والإيمان، فالصبر على الأكل والشرب خاصة في الطقس الحار واليوم الطويل يقوي الإرادة ويزيد القدرة على تحمل الصعاب وهو يكاد يكون الشهر الوحيد في العام الذي تترابط فيه الأسرة بشكل واضح كما أن التكافل الاجتماعي يظهر بوضوح من خلال موائد الرحمن مثلاً وإعطاء الفقراء الوقت لتجاب بعض مطالبهم .
وتابعت: كما أننا نضيف أن الصائم مطالب دائماً بأن يتحكم في غضبه وفي عصبيته فإذا أصابه ما يثيره فإنه يستقوى عليه بقوله (اللهم إني صائم).. والصوم أيضاً يجعلنا نحترم الوقت بتناول الطعام والتوقف عنه في مواقيت محددة لا نستطيع تجاوزها مما يعني أننا نستطيع فعل الكثيرخلال شهر الصوم.
ومن هنا نعلم أن شهر رمضان ليس مجرد شهر، ولكنه أشبه بحالة اجتماعية نفسية انسانية، وهذا يظهر من خلال السلوك والعادات وأيضاً الاعتكاف في المساجد فهذا الشهر يمثل نوعا من الوعظ والتذكرة اليومية، ويكفي أن نعلم أنه بمثابة مركز تدريب يؤثر على العام بأكمله تدريجياً وبالتالي يكون فرصة ليتعود الانسان على الصبر والتسامح والعطاء صحيح أن بعضهم بمجرد قدوم العيد ترجع سلوكياته لطبيعتها ولكن لا شك أنه يعيش الحالة الروحانية والرضا والقناعة في هذا الشهر الكريم.


أخبار ذات صلة