بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيار 2020 12:00ص شهر تجديد المودّة بين الأزواج: لتكن أيامه إصلاحاً للعلاقة الزوجية على أسس متينة

حجم الخط
إنه شهر رمضان المبارك.. الشهر الذي قال ربنا عزّ وجلّ عنه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

فالصيام عبادة عظيمة وككل العبادات التي فرضها الله عزّ وجلّ, فإن الهدف النهائي منها هو التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. هذه التقوى إذا ما تحققت في نفوسنا التي في ظلال وأجواء الصيام ستكون كفيلة أن تعيد للقلوب مشاعر المودّة الصافية ومشاعر الرحمة القادرة على الصفح عن الهفوات، والتجاوز عن الزلل، والتماس العذر بعد العذر لمن يشاركنا الحياة.

وما أجمل أن يجمع الزوجان لقاء مشترك قبل أن يحلّ الشهر الكريم! ليناقشا معاً خطتهما في رمضان، وكيف سيدار الوقت.. وإلى أي مسجد سوف يذهبان معاً لصلاة التراويح؟ متى سيجلسان للقراءة المشتركة في كتاب الله تعالى؟ وماذا سيقدّمان من برامج للأطفال؟ باختصار كيف يتحوّل رمضان لشهر خير وبركة للأسرة، وخاصة أننا في ظل فرصة كبيرة هي فرصة الحجر المنزلي.؟!.

مشاركة في العبادات

بداية قال الشيخ غسان اللقيس، إمام مدينة جبيل، أن من أبرز ما يحقق المودّة والرحمة في رمضان بين الأزواج المشاركة في العبادات، فالعبادة توفّر مناخا نفسيا يسوده الهدوء والسكينة، واشتراك الزوجان في هذه الخبرة النفسية يمنحهما سعادة كبيرة وتقارب نفسي عميق، والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على أهمية هذه المشاركة في قوله: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ». 

وقال: يمكن للزوجين أن يشتركا معا في العديد من العبادات في رمضان، منها: الاجتماع على تلاوة أو حفظ أو مراجعة بعض آيات القرآن يوميا.

ومنها الالتقاء على أذكار الصباح والمساء.

ومنها الاجتماع على الدعاء قبل أذان المغرب.

ومنها الحرص على صلاة بعض ركعات التراويح والتهجد معا.

وكذلك اعتماد لغة الحوار الهادئ في كل أمور الحياة، فهذا الحوار هو عمود الحياة الزوجية الناجحة، فالاستعداد المشترك، فهو يمنح الزوجين طاقة هائلة للعمل، فالإنسان الفرد قد تعتريه مشاعر الكسل والفتور، في حين يصبح أكثر التزامًا وجديّة وحماسًا مع العمل الجماعي، وهنا يصبح الزوجان أكثر من مجرد زوجين، إنهما أصدقاء وإخوة في الله، وعندما يتذوّق الزوجان معاً حلاوة الإيمان والطاعة، فأي بركة تحلّ ببيتهما؟!

نصائح عديدة

أما الأخصائية الاجتماعية نوال مراد فقالت أن من أبرز النصائح العملية التي تساعد الزوجين على حسن استثمار شهر الصيام في أيامنا هذه وضع برنامج تعبّدي واقعي تدريجي لشهر الصيام، فعندما نضع خطة مثالية لكنها تفوق طاقتنا وقدراتنا وظروفنا سوف نفشل ونحبط فالأولى أن نضع جدولاً لكل عشرة أيام، حتى نصل لأقصى درجة في العشر الأواخر وهي تلك الليالي المباركة التي نترقب فيها ليلة القدر.

كما يجب ألا ينسى الزوجان أولادهما في شهر الخير فليس مقبولاً أن تنشغلوا أنتم بالعبادات وهم مخدّرون أمام التلفاز شاركوهم معكم، صلوا مع أولادكم، وخصصوا لهم وقتًا لمدارسة آية أو حديث، أشركوهم في المسابقات الرمضانية الإلكترونية وابذلوا جهدًا حقيقيا لتربيتهم على أسس إيمانية.

وهناك أيضا صلة الرحم والتي يمكن في زمن الكورونا أن تكون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ من المهم أن يفكر الزوجان في وصل رحمهما وأن يصلوا من قطعهم حتى لو أساء أحد إليهم وأن يتذكّرا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس الواصِلُ بالمكافئ ولكنَّ الواصل من وَصَل رحمه إذا قطعَتْ، فصلة رحم أهل كل من الزوجين ستزيد بالتأكيد الود بينهما.

ويمكن للزوج أيضا مساعدة الزوجة وهي من الأمور التي ستشعر الزوجة فيها بالسعادة هو شعور الزوج بها ومساعدتها في الأعمال المنزلية الخفيفة كعمل السلطة مثلا أو تحضير عصائر ما قبل الإفطار أو حتى عمل وجبة خفيفة وإغداقها بالكلمات الطيبة.. حينها ستشعر الزوجة أن زوجها يشعر بها وبالتعب المضني الذي تقضيه في المطبخ وفي أعمال البيت لتقدّم للأسرة أفضل شيء.