إن الله فرض الحج على المرأة المكلفة، فقال سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، وجاءت السنّة مؤكّدة لما بيّنته الآية من فرضيته على من استطاعته من النساء.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبيل في الحج فقال: (الزاد والراحلة)، فمن ملك زادا وراحلة أو نفقاتهما وجب عليه الحج، وقد اشترط فريق من الفقهاء في استطاعة المرأة للحج أن يكون في الحج معها زوج أو محرم يرافقها في هذه السفرة استنادا لحديث: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها) على اختلاف روايات الحديث.
ومقتضى هذا المذهب أن من لم تجد محرما أو زوجا يرافقها في الحج، فلا تكون مستطيعة أداءه، ولا يجب عليها، إلا أن فريقا من الفقهاء ومذهبهم هو الراجح - أنه يجوز للمرأة أن تخرج لأداء حجة الفريضة وإن لم يخرج معها زوجها أو ذو محرم منها، إذا خرجت في رفقة مأمونة فيها رجال ونساء يهتمون بأمرها إذا مرضت أو أصابها شيء عند أدائها المناسك أو الارتحال من موضع إلى آخر، فقد روي أن عمر رضى الله عنه أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجّة حجّها، فخرجن لأداء الحج، وقد كان بالنسبة لهن تطوعا، وبعث معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف، ولم يكن مع إحداهن خرجن معه محرما لهن..
ولا يشرع للمرأة «اضطباع»، بأن يجعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن، ورد طرفيه على المنكب الأيسر، مع ترك المنكب الأيمن مكشوفا، لأنه لا يشرع في حقها لبس ما يلبسه الرجال في إحرامهم، ولما يترتب على اضطباعها من كشف جزء من عورتها وتشبهها بالرجال وذلك محرم، وليس لها كذلك «الرمل في الطواف» الذي هو إسراع المشي مع مقاربة الخطى من غير وثب، وإذا كانت التلبية ورفع الصوت بها مستحبا للرجال، فيشرع للنساء التلبية، وليس يشرع في حقهن رفع أصواتهن بها، وإنما تسمع بها المرأة نفسها، وقد كره لها رفع صوتها مخافة الفتنة، وعلى هذا اتفق الفقهاء.
الشيخ زياد زبيبو