بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 نيسان 2024 12:00ص علّام في مؤتمر «المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات»: قِيَمنا تُحمِّلنا مسؤولية مساندة الشعوب المنكوبة والتخفيف من آثار العدوان

المفتي شوقي علّام في مؤتمر «المبادئ الأخلاقية في أوقات الصراعات» المفتي شوقي علّام في مؤتمر «المبادئ الأخلاقية في أوقات الصراعات»
حجم الخط
قال الدكتور شوقي علّام - مفتي مصر، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: «إن الواقع يُملي علينا أهمية بحث التغيّرات الاجتماعية والتطورات الأخلاقية التي تُحدثها الصراعات والحروب وما ينجم عنها من آثار سلبية خطيرة على الأفراد والمجتمعات المنكوبة بهذه الصراعات».
وأضاف أن مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة تؤكد ضرورة العمل على حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وهي المقاصد الكلية التي جاءت الشرائع الإلهية بحفظها ولا تختلف الدساتير الإنسانية على ضرورة الحفاظ عليها، مؤكداً أن رعاية هذه المقاصد والحفاظ عليها لا تتم إلّا من خلال الالتزام الأخلاقي والقيمي الذي لا يسمح بمبدأ العدوان ولا يجيز الظلم والاعتداء تحت أي ذريعة من الذرائع التي تستخدمها الدول المعتدية لخوض هذه الحروب وفرضها في الواقع.
وجاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الرابع لكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، الذي عقد تحت عنوان: «المبادئ الأخلاقية والتشريعية في أوقات الصراعات والحروب» في الفترة من 27-28 نيسان الجاري بمركز الأزهر للمؤتمرات.

الالتزام الأخلاقي

وأوضح أن الالتزام الأخلاقي يمنع من استعمال القوة حيثما تنفع المباحثات والمفاوضات، ولا تسمح باستعمال القوة المفرطة حالة الدفاع عن النفس، وكل هذا يندرج تحت قاعدة ارتكاب الضرر الأخف لدفع الضرر الأشد، والترجيح بين المصالح والمفاسد، كذلك فإن الالتزام بالقيم الأخلاقية يُحمِّلنا مسؤولية مساندة الشعوب المنكوبة والتخفيف من آثار العدوان، وذلك بكل الوسائل الممكنة من أجل رفع المعاناة عن الشعوب المظلومة التي تعاني من ويلات الصراعات والحروب والفتن.
وشدَّد علام على أنَّ العمل على حماية الأبرياء المنكوبين والمتضررين من جرَّاء الحروب والصراعات وبحث سُبل ووسائل إيصال المساعدات إليهم، وتخفيف آثار العدوان عليهم، لمن أهم انعكاسات الالتزام الأخلاقي والقيمي تجاه هؤلاء الأبرياء، ولا يتناقض ذلك مع السعي لمنع العدوان وإيقاف الحروب والصراعات بالجهود الدبلوماسية.
وأشار فضيلته إلى أنَّ الواقع يشهد بأنَّ مصر لتبذل كل جهدها وتستفرغ كل وسعها وتستعمل جميع إمكاناتها المتاحة من أجل رفع المعاناة والظلم عن الشعوب المنكوبة، وتبذل كافة الجهود من أجل إيقاف العدوان، وإن التشكيك في دَور مصر التاريخي أمر يدعو إلى التعجب والحزن، لكن ذلك الافتراء على مصر لن يثني عزيمتها وعزيمة قائدها عن القيام بواجب تمليه علينا معطيات تاريخية وحضارية وإقليمية ودينية.
وثمَّن المفتي واجب الالتزام الأخلاقي الذي تضطلع به مصر دائماً تجاه أشقائها وتجاه جيرانها وتجاه شعوب العالم كله، ولذلك فإن الالتزام الأخلاقي ليُملي علينا أيضاً أن ندعم الدور المصري تجاه جيرانها، ونحن نرى بأمِّ أعيننا أنَّ مصر تفتح ذراعيها للجميع وتمدُّ يد العون للجميع، ولا يمنعها من القيام بذلك أية ظروف اقتصادية أو ضغوط دولية لا تخفى على ذي لُبٍّ بصير وعقل سديد.
وأكد أنَّ الالتزام الأخلاقي والقيمي الذي تضطلع به مصر ليدلّ دلالة قاطعة على أن مصر لا تقدم شيئاً على المبادئ والقيم والأخلاق، ولا تستبيح لنفسها أن تتحمَّل مسؤولية تاريخية مشينة تجاه جيرانها مقابل بعض المصالح والمكاسب المادية الزائلة مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط، وستظل راية مصر بلد الأزهر الشريف عالية خفّاقة ومنارة للقيم والأخلاق، وملاذًا آمناً لكل طالب أمن وأمان، وسنداً لكل مستضعف جارت عليه الظروف العصيبة.
وفي ختام كلمته، أشاد علام بالجهود التي تقوم بها كلية الشريعة والقانون، واصفاً إيَّاها بأنها قلعة من قِلاع الأزهر الشريف التي تذود عن الشريعة المطهرة وتحامي من أجل الحفاظ عليها أصولاً وفروعاً ومقاصد، وتعمل من أجل حماية تراثنا الإسلامي والحفاظ عليه، وتبذل جهوداً كبيرة من أجل ربط هذا التراث، لا سيَّما تراثنا الفقهي والإفتائي بالواقع المعاصر على ما استجدَّ فيه من نوازل ووقائع وقضايا معقّدة تحتاج إلى مزيد من العمل والاجتهاد حتى يتم ربط الشريعة المطهرة بالواقع الذي يحياه الناس.
كما توجَّه فضيلة المفتي بخالص الشكر والامتنان إلى كل مؤسسات الأزهر الشريف بقيادة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، قائلاً: أثمِّن كل جهد يبذله الأزهر الشريف من أجل حماية المستضعفين في كل مكان، ومن أجل منع الآثار الوخيمة للحروب والنزاعات، وأضاف: «كلنا أمل في الله تبارك وتعالى أن يعمَّ الأمن والسلام شعوب المنطقة والعالم، وأسأل الله العليَّ العظيم أن يردَّ كيد كل معتدٍ آثم وأن يغيث المستضعفين ويرحم الشهداء ويداوي الجرحى ويردّ الحق إلى أهله إنه وليّ ذلك والقادر عليه».