بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الأول 2018 06:05ص كيف يمكن احتساب خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام؟

حجم الخط
هشام طالب *

حدد القرآن الكريم الفترة التي استغرق فيها خلق السموات والأرض بستة أيام، لكنه لم يحدد وقت حدوث الفتق بينهما ولا الكيفية التي تم فيها ذلك، وإنما أشار إلى الفعل ونتائجه، وإلى القدرة الالهية التي أنشأت هذا الخلق العظيم السابح في فضاء كوني لا نهائي الإتساع.. 
والأيام الستة التي تم فيها خلق السموات السبع  والأرضون السبع وما بينهما، أي المجرات والمعرات والسدم، تكررت في عدة آيات كريمة، للتأكيد على عظمة الخالق وهيمنته الكلية على الكون..
 وكذلك، للرد على بعض المشككين في زمن الرسول محمد  صلى الله عليه وسلم ، ومنها قوله تعالى:
 { الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون}.. (السجدة (4)، وقوله {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}.. (الحديد-14)، كما ذكر الأيام الستة لخلق السموات والأرض وما بينهما ورد في الآيات التالية: الأعراف: 54، يونس: 3، هود: 7، الفرقان: 59، السجدة: 4،  ق: 38، الحديد: 4، المجادلة: 4.
اليوم.. والألف يوم 
الأيام الستة المعروفة لدى الناس هي من ضمن أيام الأسبوع السبعة، الأحد، الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، الجمعة، السبت. غير ان احتساب يوم الخلق الكوني، لا يمكن توقيته باليوم الشمسي الذي ينظم حياة الناس، وانما يعادل ألف سنة كما أقرت به الأديان والمعتقدات القديمة، تصديقا لقوله تعالى  {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون « (الحج: 47)..
وجاء في الانجيل (رسالة بطرس الثانية 3: 8): « إن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة. وألف سنة كيوم «، كما جاء في التوارة « مزامير 90: 3»: «ترجع الانسان إلى الغبار (التراب) وتقول ارجعوا يا بني آدم لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس، بعدما عبر، وكهزيع من الليل».. 
وفي المعتقد الهندوكي القديم جاء في الفقرة (67) من كتابهم المقدس «منوسمرتي»: « كل ألف سنة من سني الانسان هي كيوم واحد من أيام الآلهة».. إذن، التوقيت الكوني عند جميع الأديان وبعض المعتقدات، هو أن اليوم الكوني يعادل ألف سنة شمسية. 
حسابات عديدة
إننا اذا أجرينا معادلات حسابية، وافترضنا أن اليوم يعادل 365000 يوم، وفق النظام الشمسي الذي يتبعه أهل الأرض، بغض النظر عن الإضافات التي تحملها الدورة الشمسية السنوية والتي تقدر بـ 365 يوماً و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية تقريباً. واحتساب سنة كبيسة كل أربع سنوات، ومدتها 366 يوماً. 
أو إذا اعتمدنا الدورة القمرية، التي تقدر باثنى عشر شهراً تصديقا لقوله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض} (التوبة – 36) مدتها 354 يوماً. لأن الشهر القمري، هو المدة التي يتم فيها القمر دورة كاملة حول كوكبه الأم (الأرض) ومقدارها نحو 29 يوماً ونصف اليوم، أي أن ستة أيام كونية تعادل  000، 124، 2 يوم شمسي ، والله أعلم.
وإننا اذا اعتبرنا أن أيام السنة 365 يوماً، كمعدل وسطي، فإن ما أبلغنا به القرآن الكريم، بأن اليوم عند الله تعالى، يعادل ألف سنة، يعني أن مقدار (اليوم) هو 365000 يوم تقريباً، فإن الفترة التي استغرقها خلق السموات والأرض بلغ نحو 000،190، 2 يوم أي ما يعادل 6000 سنة، وهذا ينطبق تماما على ما جاء في القرآن الكريم وغيره من الكتب الدينية – اذا كان تقدير اليوم بألف سنة، والله أعلم.
إلا أننا نعود لما قاله «ابن جرير» وورد في «البداية والنهاية»، أن الله تعالى خلق آدم عليه السلام في آخر ساعة من «يوم الجمعة».. والساعة – كما قدرها ابن جرير – ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر أي 83X  12 +4 = 1000 شهر. 
وإذا ضربنا 1000 شهر بـ 24 ساعة يكون 24000 شهر لليوم الواحد. أي 144000 شهر لستة أيام، والمحصلة النهائية لذلك هو 12000 سنة. والله أعلم.. 
أما إذا كان تقدير اليوم  50000 سنة كما ورد في الآية (4) من سورة المعارج: {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}.. 
فإن إحتساب الأيام الستة يعادل 30000 ألف سنة أو 000، 500، 109 يوم. وهذا مستبعد في إعتقادي لأن الآية الكريمة تتحدث عن الفترة الزمنية التي تعرج فيها الملائكة إلى مهبط أمرها في السماء، والله أعلم.
أما إذا لجأنا إلى حساب آخر يتعلق بالدورة الشمسية حول برجها ومقدارها 920، 25 يوما في السنة، نلاحظ أنها تعادل عمر الانسان في متوسطه بين 70، 72 سنة وإذا اعتبرنا أن اليوم الواحد يعادل سنة كاملة يكون مجموع  سنوات الأيام الستة: 520،155 سنة والله أعلم. 
اليوم في اللغـة والعلـم 
إذا دخلنا في مسألة الأرقام واحتسبنا عدد المرات التي يتنفس فيها الانسان في الدقيقة الواحدة وهي 18 مرة، نجد أنه يتنفس في اليوم الواحد 920،25 مرة. وهذا الرقم هو نفسه عدد أيام دورة الشمس حول برجها. وهو نفس عدد أيام عمر الانسان بمعدله الوسطي 71 سنة والله أعلم. 
استغرقت المراحل التي مرت بها السموات والأرض، لتكوين تشكيلاتها، ستة أيام قرآنية.. دون أن ندرك تماما مقدار « اليوم « الذي ورد في كتاب الله الكريم 472 مرة، في عدة صيغ وعدة معان، منها على سبيل المثال: «مالك يوم الدين» «اليوم الآخر» «يوم القيامة» ألخ.. 
كما استخدم « اليوم « في مواضع أخرى بمعنى التوقيت لشيء ما أو تحديد فترة من الوقت أو تحديد بداية.. 
و «اليوم» حسب بعض المفسرين، قد يعني «حقبة زمنية» أو «طوراً». 
وهو في اللغة وفي الجغرافيا، مجموع الليل والنهار، ومدته 24 ساعة، أي  مدة دوران الأرض حول محورها. ويحتسب في معظم بلدان العالم من منتصف الليل إلى منتصف الليل. وبعضها، من المغرب إلى المغرب. وهناك يوم شمسي ويوم نجمي. 
وحتى نتوصل إلى مفهوم أوسع للمعاني التي تحملها المواقيت، حسب ورودها في القرآن الكريم ووفق ما اتفق اللغويون على تفسيره والعلماء على استخدامه، لا بد من شرح معاني الطور والحقبة والدهر والحين والعصر والزمن، وهذا ما سنعرضه في الحلقة المقبلة ان شاء الله.

* باحث في العلوم الكونية وتاريخ الحضارات