بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 نيسان 2020 12:00ص في أيام الحجر المنزلي وقاية من الوباء... فرصة عظيمة لتنمية العلاقات الأسرية وإصلاح ما فسد منها

حجم الخط
لا شك ان الحجر المنزلي الذي نعيش فيه اليوم له آثاراً كثيرة على مختلف جوانب الحياة، ولكن أيضاً له جوانب إيجابية كثيرة أوّلها وأهمها فرصة اجتماع الأسرة في المنزل لفترة طويلة والتواصل مع الأبناء عن قُرب واللعب معهم وإكسابهم بعض المهارات التي تتناسب مع أعمارهم من خلال أنشطة منزلية مشتركة مع الوالدين.

فبعدما عانت الكثير من العائلات على مدى سنوات من الغربة وسط الانشغالات اليومية التي كنّا عليها، ها هي في أيام يتبادل فيها الأفراد الحوارات والنقاشات كفرصة ذهبية لكل أم وأب لنصح أولادهم واخبارهم بالتجارب التي مرّوا بها، مما يفتح الباب لتعلّم أمور جديدة والمشاركة في المواضيع التي يهتم بها الأولاد خصوصاً الشباب في مقتبل العمر.

ففي الحجر المنزلي فرصة كبيرة لعودة اجتماع العائلة على طاولة الطعام وللمشاركة في تحضير الطعام منزلياً، وأيضاً لتجاذب أطراف الحديث بين كل أفراد الأسرة بجو من الودّ والألفة.

بدر الدين

{ بداية أشارت الاختصاصية الاجتماعية هدى بدر الدين انه لا شك اننا نعيش هذه الأيام أياماً صعبة بظل الوباء المنتشر في البلاد، ولكن رغم السلبيات التي طرأت على الأسرة نتيجة هذا الوباء لا بدّ من النظر إلى بعض الإيجابيات، ولعل أبرزها إعادة اللحمة الأسرية أو الترابط الأسري بين أفراد الأسرة، هذا الجو الجميل الذي خيّم على المنازل نتيجة إلتزام الأهل، وخاصة الأم والأب والأولاد، الحجر المنزلي خلق جواً من السعادة، لا بدّ على الأهل من إستغلاله، إذ هذا الظرف سمح للأهل التحادث مع الأولاد بشكل واضح مما يخفف حدّة التوتر التي يعيشونها، وتقديم المعلومات لديهم بطريقة هادئة ومتوازنة، مما خلق جوا من الحوار الهادئ بين الأولاد والأهل.

وللابتعاد عن الملل لا بدّ للأهل من بناء برنامج نشاطات يومي، ومن ضمنه النشاط الثقافي والاجتماعي والرياضي، فلا مانع من أن يقوم الأب بدور المدرّب الرياضي وممارسة الرياضة مع أبنائه. وبما ان انتشار فيروس الكورونا شكّل خطراً على زيادة العزلة بسبب التخوّف من العزلة، ولكن بالإمكان في هذه الأوقات بذل جهد من أجل إقامة علاقات اجتماعية ومنع العزلة وتوجيه أفكارهم لاتجاهات لعب، ومشاهدة أفلام، وطبخ ورحلات من شأنها المساعدة، إذا شارك الأهل في هذه الأنشطة ستكون أكثر متعة.

واختتمت قائلة: لا بدّ في هذه الفترة من توجيه الأولاد على ضرورة التقرّب إلى الله سبحانه وتعالى بالصلاة والدعاء بأن يزيل هذا البلاء عن العباد.

خانجي

{ الشيخ محمد خانجي، إمام مسجد قريطم، علّق على الموضوع قائلاً: ان الأسرة هي اللبنة الأولى والأساسية في تكوين المجتمع، فبصلاحها ينصلح وبفسادها يفسد، والمسلم مطالب بحسن إنشاء هذه الأسرة حتى يكون مساهماً في حسن بناء المجتمع، فنحن حين نقرأ قول الله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}، نعلم تماماً كم هو ضروري الإهتمام بتكوين الأسرة وتربية الأبناء.

وأضاف: ولا شك ان الحالة التي نمرُّ بها في عالمنا اليوم من إنتشار لوباء الكورونا والتزامنا جميعاً بالحجر المنزلي هو فرصة كبيرة لإعادة تنظيم العلاقات الأسرية وتعزيز التواصل والتفاهم بداخلها خاصة بعد أن كنا نرى إنغماس الكثير من الآباء والأمهات في أعمالهم لمواجهة تحدّيات الحياة مما أفقدنا فضيلة التواصل الفكري والنفسي والعاطفي وأيضاً التعليمي مع الأبناء.

وقال: يقول النبي  صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله» والظـروف التي نعيش في ظلّها باب كبير لإثبات هذه الخيرية وإصلاح ما فسد فيها.

وهنا أدعو كل أب وأم إلى إعادة تقييم العلاقة مع أبنائهم بهدف الإصلاح، فعلينا أن نتحاور معهم وأن نتشارك في الأعمال، وأن نحوّل الوقت في بيوتنا إلى ساعات إنتاج إيجابي وليس إلى مجرّد أوقات فراغ كما نسمع عند الكثير اليوم.

مثلاً: يُمكن أن نحدّد وقتاً لمناقشة فكرة معينة توضح لهم بعض الأمور الدينية التي يريدون أن يستفسروا عنها، كما يُمكن لنا تخصيص وقت معين آخر لقراءة صفحة أو صفحتين من القرآن، وكذلك تخصيص أوقات للترفيه التعليمي والألعاب التربوية.

واختتم بالقول: ان المسلم كما جاء في حديث النبي  صلى الله عليه وسلم «كَيِّسٌ فطن»، ومن نباهة المؤمن أن يحسن إستثمار أي أزمة بإيجابية وليس بسلبية أو تشاؤم..

فالواجب على كل أم وأب أولاً أن يصلحوا العلاقة فيما بينهما، ثانياً: أن يكونوا قدوة لأبنائهم خلال هذه الفترة، وثالثاً: أن يتحمّلوا المسؤولية تجاه الأبناء والأسرة حتى يخرجوا من هذه الأزمة وقد عملوا بما ينفعهم بعيداً عن الإنفعالات والمشاحنات وتضييع الأوقات هباءً...