مرت علينا الاسبوع الفائت ، وتحديدا يوم التاسع من آذار الجاري، ذكرى رحيل العالم المجدد الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى، وهو العالم المجاهد الذي كان يصارع حتى الجبال في سبيل نشر العلم والفكر الإسلامي الصحيح المنطلق من النصوص الشرعية ليتوافق مع الحياة العصرية ويحولها بحق إلى مزرعة خصبة ومثمرة نقطف ثمارها أجرا يوم القيامة.
وفي ذكرى رحيله اسمحوا لنا أن نسأل عن الدور «الرسالي» والمهمة «العطائية» للداعية في عصرنا..؟!
فنحن اليوم وبكل أسف نعيش في زمن بات فيه غالبية الدعاة يعيشون على الهامش.. لا يناقشون ولا يعالجون ولا يقدمون على حل مشاكل الناس ولا قضاياهم..؟!
لا أتحدث هنا عن الدور «التقليدي» الذي ترسخ في نفوس الناس من أن دور الداعية أن يجيب على سؤال نواقض الوضوء هنا أو مبطلات الصلاة هناك.. ولكن أطرح سؤالا كبيرا عن دور الداعية في القضايا المصيرية التي يعاني منها الناس والشباب خاصة..؟!
أتساءل عن دور الدعاة في مواجهة موجة الالحاد المنتشر..
وعن دورهم في تصويب الفكر الديني الذي تشوه بفعل فاعل...
وعن دورهم في تخفيف أزمة التعصب العمياء السائدة في النفوس..
وعن دورهم في معالجة التفلت الأخلاقي في كل مناحي الحياة..
وعن دورهم في جمع الشباب حول هدي كتاب الله وتعاليم سنة النبي صلى الله عليه وسلم..
وعن دورهم في رفع المستوى الثقافي والاخلاقي والتربوي في مجتمع يعاني من كل إسفاف يخطر على قلب بشر..؟!
أتساءل في ذكرى رحيل العالم المجدد الشيخ محمد الغزالي عن سر غياب حس المبادرة والمواجهة عند كثير من الدعاة، حتى صار الناس ينظرون إليهم نظرية سلبية للأسف متوارثة منذ عشرات السنوات..؟!
نحن بحاجة كدعاة إلى اقتحام مغاور الفكر ومناقشة كل الأمور بشفافية تامة مع الشباب حتى نعيد الثقة إلى نفوسهم، وبحاجة أيضا إلى الاعتراف بأن التقصير من جانبنا كبير وكبير جدا، وإن لم نبادر إلى تقريب المسافات وإلى سد الفجوات النفسية والفكرية بيننا وبين الناس- والتي أحدثت بفعلنا حينا وبفعل المستفيدين حينا آخر- ففي نهاية المطاف سيكون الوادي الذي أوجدناه بيننا وبين الناس قد اتسع حتى أصبح وديانا وجبالا..؟!
لقد كان الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى يردد دائماً وبصوت عال عبارتين يا ليتنا نعتبر منهما..؟!
الأولى: (ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺤﺐ ﺃﻥ ﻧﺼﺎﺭﺡ ﻗﻮﻣﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻬﻢ في ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻦ ﺗﺆﺩي إلا إلى فنائهم...)؟!
والثانية: (دراسة التاريخ القريب والبعيد عبادة)..؟!
فهل من حركة تعيد «الحياة» إلى عمل كثير من الدعاة .. أم يا ترى تعودنا على فتاوى الوضوء والحيض..؟!