بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تموز 2018 12:03ص في زمن ساد فيه التشكيك بالدين كتاباً وسُنَّة: رسولنا الكريم

بلَّغ والصحابة شهدوا ... وللأسف نحن نشهد ونضيّع..؟!

حجم الخط
انتشرت فى الآونة الأخيرة أصوات تزعم أنها ستعيد النظر فى السُنة النبوية المطهرة دون أي اعتبار للمعايير التى وضعها أئمة أهل العلم كما غاب عنهم العلم بأسباب ورود الحديث النبوى الشريف ولم يقفوا على ما ورد فى المحكم والمتشابه من الأحاديث النبوية، وكذلك ما يتعلق بالناسخ والمنسوخ منها..
ولما كانت غاية الكثيرين تشكيك الناس بالسُنة النبوية يحق لنا أن نسأل ... 
أين نحن من كتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام..؟!
وأين نحن من هذا الكنز المبارك الذي إن أحسنا التمسك به والعمل به لكنتا أرقى الأمم..؟!
ولماذا أصبح كثير من المسلمين غرباء عن كتابهم وعن سنة رسولهم..؟!
وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قد أمرنا وقال: (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي).. فهل نحن فعلا أحسنا التمسك بهما..!؟
أسئلة لا بد أن نطرحها في ظل هذه الهجمة المتجددة على الدين في زمن بات فيه كل ملتزم متهماً حتى تثبت براءته..؟!

شعراوي
{ الشيخ خليل شعراوي إمام وخطيب مسجد مكحل قال: عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «إني قد خلفت فيكم اثنتين لن تضلوا بعدهما أبدا: كتاب الله، وسنتي».
فهذا منهم جعله النبي  صلى الله عليه وسلم  لأمته من بعده كي يسيروا على نور في حياة متلاطمة الجوانب، تركهم على أمر إن تمسكوا به نجوا في الحياة وما بعد الممات، فالاعداء لهذه الأمة سيكونون كثراً، وبهذا أبلغ النبي أمته كي يعدوا لهذا الأمر العدة فقال صلوات ربي وسلامه عليه: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت».
فهذا الأمر من حيث الدنيا وأيضا أعداء الآخرة وعلى رأسهم الشيطان ولا نجاة منه إلا بالتمسك والسير على المنهج الذي تركنا عليه رسول الله عليه  صلى الله عليه وسلم  إذ لولاه لن يكون فوز لأن الشيطان هو عدو له خبرته في اضلال العباد منذ أزمان طويلة، ونحن بعمرنا القصير وخبرتنا القليلة لا نستطيع أن نواجه هذا العدو إلا بما أرشدنا به رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وخاصة أن الشيطان كما قال الله تعالى: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سواءتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون} [الاعراف 27]. 
وفي الواقع العملاني قد أثبت النبي  صلى الله عليه وسلم  هذه النظريات –إن صحت التسمية- والذي أتى بها فأثبتها بين صحابته، حيث أتى وحيداً داعياً إلى الله إلى نجاة بني الإنسان، فنقل العرب من الجهل إلى العلم، ومن الفرقة الى الوحدة، ومن قبائل متناحرة إلى دولة متينة قوية، فجعل للعرب ولكل من أسلم مكانة بين الحضارات والأمم، فصدقت يا رسول الله حين قلت لهم في بداية دعوتك: «قولوا كلمة تدين لكم بها العرب والعجم»، وهذا ما حدث. 
فالنبي  صلى الله عليه وسلم  لم يأت بمنهج سفسطائي كلامي نظري، كما أصحاب المدينة الفاضلة ومن شاكلهم، بل أتى بحقيقة بسيطة في تطبيقها وتحقيقها لكل من صدق، فمنهج النبي  صلى الله عليه وسلم  هو النجاة والفوز من المكائد في الدنيا ومن المهالك والمعاطب في الآخرة. 
وأما ما نراه اليوم من بعد من الناس عن هذا المنهج القويم الواضح المجرب لهو الضلال بعينه، فنحن كشعوب عربية واسلامية قد جربنا في بلادنا كل شيء، جربنا الديمقراطية وجربنا القومية وجربنا الاشتراكية والشيوعية والليبرالية والعلمانية والحرية الزائفة وغيرها من المناهج فإلى أين وصل بنا الأمر، الكل يرى أين نحن اليوم، فلا نجاة لنا حقيقة إلا بما أتى به رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فهو الوحي الإلهي والكتاب المنزل الذي كما قال الله تعالى عنه: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت 42]
فلا بد لنا من التمسك بقوة بهذا المنهج الكامل المكمل الذي يصلح لكل مكان وزمان كيف لا والذي أنزله هو خالق المكان والزمان وهو القائل سبحانه  {اليوم اكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة 3]
لا بد من تمسك بلا حياء ولا خوف ولا وجل على كافة الطبقات والأصعدة من علماء وعامة وسياسيين وقادة ومقودين ومتعلمين سواء كان ذكرانا أو إناثاً أحراراً أو عبيداً، كباراً أو صغاراً حتى نرجع المجد الضائع لهذه الأمة، والله الموفق لما يحب ويرضى.
خطاب
{ يقول الشيخ علي خطاب إمام وخطيب مسجد عبد الرحمن بن عوف: في حجة الوداع وقف رسول الله   صلى الله عليه وسلم  مودعاً أصحابه بخطبة أرسلها لكل من يأتي من بعده من أمته، كيف لا وهو الرؤوف الرحيم بهم  صلى الله عليه وسلم ، وكيف لا وهو البشير النذير، والنذير العريان؟ بل وكيف لا وهو الذي خاطبه الله بقوله: «إن عليك إلا البلاغ»؟
ولكنه كان حريصاً على كل خير لأمته، وكان حريصاً على اسلام كل فرد من أمته (أمة الدعوة) «حريص عليكم» حتى قال الله له:» فلا تذهب نفسك عليهم حسرات « لا تهلك نفسك بسبب إعراض هؤلاء {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين}.
قال  صلى الله عليه وسلم : «وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ (اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
نعم بلغنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  دين الله كاملاً لا نقصان فيه ولا شك فيه ولا لغو ولا باطل.
ونحن من جعلناه أقساماً، أخذنا منه ما يوافق هوانا، وتركنا مالا يوافق هوى أنفسنا ورغباتها.
نعم بلغنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بلغنا إياه  ولو كان من عند غير الله لوجدنا فيه اختلافاً كبيراً، قرآناً عربياً غير ذي عوج، أحكمت آياته ثم فصِّلت، ولو ابتغينا الهدى في غيره أضلنا الله، ولو ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، وهذه الأمة لم تستغن بكتاب ربها عما سواه، بل تركته وراحت تبحث خلف سراب لم تجده وحالها اليوم حال المنهك المتعب العطش ودين الله فيه الراحة والسعادة والاطمئنان والهناء والري بعد الظمأ.
وقال: جاء رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بشريعة بيضاء نقية، محجة بيضاء، واضحة لا لبس فيها ولا غموض، لا يبتغيها إلا سالك ولا يزيغ عنها إلا هالك.
لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعه، ولينزلن عيسى ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، أي لا يقبل إلا الإسلام، فينزل تابعاً لمحمد مقتدياً بإمام المسلمين وقتها يقول له: تقدم فإنها لك أقيمت.
بلغنا رسولنا  صلى الله عليه وسلم  الحلال والحرام وأمرنا بتحري الحلال واجتناب الحرام وقال :»لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» 
والحرام منتشر بين المسلمين، رشى وربا وأكل الأموال بالباطل والمكس والغش والتدليس والاحتيال والسرقة والتطفيف في المكاييل.
بلغنا رسولنا  صلى الله عليه وسلم  مكارم الأخلاق وحذرنا من مساويها، وقال  صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ»، والفاحشة والزنى والفحش والتفحش والبذاءة والتطاول والوقاحة والبخل والخيانة والكذب والافتراء والبهتان والزور منتشر بين المسلمين.
وأَضاف مختتما :ان انتصار الأمة بغير الاسلام تكذيب لله في أقواله والله لا يكذب أبداً، وان سعادة الأمة بغير الإسلام تكذيب لله في قوله والله لا يكذب أبداً، وان عزة الامة بغير الإسلام تكذيب لله في قوله والله لا يكذب أبداً. «ومن أصدق من الله حديثاً»  لا احد..، فمثل رسولنا  صلى الله عليه وسلم  كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فالدار الجنة، والداعي محمد  صلى الله عليه وسلم  فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله ومن عصى محمداً فقد عصى الله..
بكل أسف نقول... رسولنا بلغ والصحابة شهدوا وللأسف نحن من نشهد ونضيع.
تحقيق الشيخ زياد زبيبو