بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تشرين الثاني 2019 12:05ص في ظل الأوضاع التي تعصف بالبلاد العلماء يؤكِّدون: احتفالنا بالمولد النبوي يجب أن يخرج من التنظير إلى حيِّز العمل وخدمة الناس

حجم الخط
منذ أيام دخل علينا شهر ربيع الأول حاملاً معه ذكرى مولد النبي  صلى الله عليه وسلم الذي أرسله المولى سبحانه وتعالى رحمة للعالمين.

غير ان هذه الذكرى تطلُّ علينا هذا العام والناس في بلادنا تعاني من غياب الرحمة ومن غياب العدل ومن غياب غالبية ما أمر به صاحب الذكرى  صلى الله عليه وسلم.

فالناس في أيامنا يعيشون في تناقض صارخ بين ما أمر به الدين وبين ما هو ممارس على أرض الواقع. ولعل الأحداث التي شهدتها البلاد مؤخراً خير تعبير عمّا نقول.

وهنا يطرح السؤال: هل من الجائز والمقبول أن يكون احتفالنا هذا العام كما في كل عام احتفالاً كلامياً لا يرقى إلى مستوى الواقع الذي نعانيه؟ وهل من الجائز أن تمرّ الذكرى فتكون مجرّد كلام وخطب بعيدة كل البُعد عن واقع النّاس؟!.. أسئلة لا بدّ أن يجاب عليها ولذا كان هذا التحقيق: 

النقري

{ بداية قال القاضي الشيخ د. محمد النقري: تصادف ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا العام مجيء فتن تلفّ العالم العربي من محيطه إلى خليجه. حدوث هذه الفتن كانت من ضمن ما حذّر النبي  صلى الله عليه وسلم أتباعه: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ»، وهذه النبوءة التي حذّرت المؤمنين من العدو الخارجي أردفها النبي  صلى الله عليه وسلم بتحذير من الإنشقاق الداخلي حيث قال في حجة الوداع: «لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ».

فالمسؤولية جسيمة يتحمّلها القادة السياسيون والدينيون على حد سواء، فالشارع العربي منهك من وراء الفساد المستشري لدى هذه الطبقة من القادة، والمؤسسات الدينية أصابها الجمود الفكري والتطويري العملي في حين كثرت فيها المؤتمرات النظرية التي ليس لها مردود على أرض الواقع فذهبت جفاء كزبد البحر، ونتج عن هذا التهاون في أمور المسلمين تفلّت واضح من قبل الشباب في الانعتاق من قيود الدين، وبالتالي أصبح التديّن تهمة جاهزة في كثير من الدول وشكوك يخشى العامة من الناس أن يكون من ورائها أهداف مخبّأة غير بريئة.

وأضاف: بقدر ما تحزننا هذه الفتن التي أصابتنا من عدو خارجي متربص بنا ومن انشقاق داخلي، بقدر ما تفرحنا هذه الذكرى، فنستلهم من عبقها سيرة النبي منذ ولادته الى نبوته ومحنته وانتقاله الى الرفيق الأعلى.

فاحتفالياتنا بذكرى المولد يجب إخراجها من نطاق الإحتفاليات الكلامية داخل المساجد الى الشارع فتتزيّن وتتجمّل بأبهى حللها ومظاهرها وتترافق بالأناشيد النبوية، وأيضاً بإعادة تأهيل الأسر والعائلات وتدريبهم على ثقافة احتفالية إبداعية جديدة لذكرى مولد خاتم النبيين والرسل سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم.


الشيخ د. محمد النقري



حداد

{ أما المفتش العام للأوقاف الإسلامية الشيخ د. أسامة حداد فقال بدوره: منذ أيام أهلَّ علينا شهر ربيع الأوّل، شهر ربيع النور الذي يصادف في الثاني عشر منه ذكرى المولد النبوي الشريف  صلى الله عليه وسلم وهي فرحة المسلمين ورحمة العالمين، واننا رغم هذه الظروف التي يمرُّ بها الوطن من ألم وحزن نقف أمام هذه الذكرى لنستلهم من صاحبها سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم الحكمة في التصرف والأخلاق في التعامل ليكون احتفالنا بها عملياً لا قولياً ومظهرياً فقط، إننا في هذه الأيام بامسّ الحاجة إلى أن يجلس العقلاء ليتعلّموا من حسن إدارة النبي  صلى الله عليه وسلم للأزمات، فعندما كان يجوع المجتمع يجوع معه رسول الله  صلى الله عليه وسلم، وعندما يفرح المجتمع كان يفرح معه رسول الله  صلى الله عليه وسلم، لأنه كان يشعر بآلام النّاس ويفرح بآمالهم ولم يكن  صلى الله عليه وسلم بعيدا عن النّاس، بل كان واحداً منهم وهكذا تعلّم الخلفاء الراشدون من أخلاق رسول الله  صلى الله عليه وسلم وسلوكه، فكانوا رضي الله عنهم قريبين من مجتمعهم يألمون بآلامهم ويفرحون بفرحهم.

وتابع قائلاً: نحن بأمسّ الحاجة إلى هذه القيم التي أصبحنا نتشوّق إلى وجودها في مجتمعاتنا.

إن فرحة المولد النبوي الشريف ينبغي أن تنعكس على وجوه فقرائنا وقلوب أمهاتنا، هذه الفرحة تأتي في هذه الأيام خجولة من دموع الفقراء والشعب المتألم من الأعباء المادية وقلّة الخدمات وسوء الرعاية في مجال الصحة والطرقات.

واختتم قائلاً: ان ذكرى المولد النبوي الشريف لا تنحصر باحتفال أو بكلمة تنظيرية وإنما تحتاج إلى أفعال واقعية تنهض بالمجتمع كما نهض رسول  صلى الله عليه وسلم بمجتمعه ومن بعده الخلفاء الراشدون الذين أينما حلّوا حلّ معهم الازدهار، فإن ما نراه في بعض الدول الإسلامية من ازدهار في مكان يدلُّ على ان المسؤول اقتضى بالنبي  صلى الله عليه وسلم حقاً وفعلاً.

فلتكن هذه الذكرى بمثابة تغيير في النهج الذي ينتهجه بعض من يدّعي حب النبي  صلى الله عليه وسلم ولا تتوافق أفعاله مع إدّعائه؟!


الشيخ د. أسامة حداد