أكدت تقارير صحفية على أن معاناة مسلمي الإيغور تتنامى بشكل فاضح، خاصة مع استمرار السلطات الصينية بشن حرب شرسة عليهم إذ أنشأت ما يسمى بمعسكرات إعادة التثقيف، وذلك لإعتقال آلاف المسلمين، رغم كل الانتقادات من منظمات حقوق الإنسان.
وبحسب محتجزين سابقين يعيشون في الخارج, فإن المعتقلين في ما تسمى بمعسكرات إعادة التثقيف مجبرون على حفظ الأيديولوجية الشيوعية الصينية، وإذا فشلوا في ذلك فإن عقوبات قاسية ستفرض عليهم.
رسالة من أحد مسلمي الإيغور انتشرت على تويتر مؤخرا قال فيها إن 15 من أسرته اعتقلوا تعسفياً ووُضعوا في معسكرات الإعتقال الصينية، مطالبا بإنقاذ أرواحهم، ما يدل على بشاعة ما يتعرض له هؤلاء المعتقلون.
رسالة أخرى نشرها أحد مسلمي الإيغور ذكر فيها قصة والدته التي كانت تعيش خارج البلاد، وعند عودتها إلى الصين لاستصدار بطاقة هوية، اعتقلتها السلطات الصينية، كما أشار إلى عدم التمكن من الوصول إلى والدته أو الحصول على أخبار عن مكانها.
السلطات الصينية عمدت إلى استهداف المثقفين الإيغور لمحو الهوية والثقافة الإيغورية، فقد وجد مئات من المثقفين الإيغور، الذين قاموا وبنجاح بالتحرك أكاديمياً وفنياً وصحفياً، وجدوا أنفسهم هدفاً لحملة قمع واسعة في المنطقة، والتي أدت إلى وضع مليون مسلم في معسكرات إعادة التثقيف.
المنفيون الإيغور أعدوا قائمة تضم شعراء وكتابا وأساتذة جامعيين ورؤساء جامعات ومتخصصين في تاريخ الإيغور، الذين كانوا قبل محاولات القمع يمثلون الجسر الثقافي للمجتمع الإيغوري.
جامعات تحولت إلى معتقلات
ويذكر هنا إلى أن صحيفة «جارديان» البريطانية سلطت الضوء مؤخرا على ما تعانيه الأقليات المسلمة في الصين، إذا تم تحويل جامعات صينية ضخمة لمعسكرات – ظاهرياً – مراكز للتدريب المهني، ولكن في الحقيقة هي معتقلات جماعية لمسلمي الإيغور والكازاخيين، مدى الحياة.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أن الحكومة الصينية تشن حرباً شرساً على مسلمي الإيغور، فآخر ما أقدمت عليه الصين هو إنشاؤها ما يعرف بمراكز مهنية لتدريب مسلمي الصين، في جنوب مقاطعة شينجيانغ، ولكن هذه المعسكرات ما هي إلا أماكن لاعتقال آلاف المسلمين، فبمجرد دخولك إلى هناك لن تخرج أبداً.
وأوضحت أن المراكز المهنية، تمتد على الطريق السريع، وتبلغ مساحتها نحو 170 ألف متر مربع، لافتة إلى أن على كل مبنى يوجد يافطة مكتوب عليها: «حماية الوحدة العرقية»، لكن المكان من الخارج يشبه السجن بأسواره العالية والأسلاك الشائكة المحيطة به.
ونوهت إلى أن نتيجة إنشاء هذه المراكز فإن احتمالية احتجاز 1,1 مليون من مسلمي الإيغور والكازاخيين وأقليات عرقية أخرى، بتكلفة تصل إلى 44 مليون دولار.
وقامت الحكومة بإنشاء منظمة مراقبة لتغطية جميع المساجد وتمويل ما يقرب من 6 آلاف ضابط شرطة للعمل فيما تصفه مراكز شرطة مناسبة.
وفي السياق، حاولت الصحيفة التحدث مع أقارب لأفراد موجودين داخل هذه المراكز، ولكن الأغلب امتنعوا عن الحديث، خشية على حياة ذويهم، ولأن المبنى ليس سجناً رسمياً أو جامعة، بل هو معسكر اعتقال غير رسمي للأقليات المسلمة، ولا سيما الإيغور، دخلوها دوناً عن رغبتهم ومن دون محاكمة لأشهر أو حتى سنوات.
ومن جانبهم، يقول الباحثون والسكان إن «جنوب شينجيانغ، حيث يقع مركز التدريب المهني الأول في مقاطعة لوبو، أصبح عبئاً جديدة حملته الحكومة للمسلمين من الإيغور».
وقال عادل أووت، من مدينة هوتان، الذي يعيش الآن في الخارج: «إذا دخلت إلى معسكر الاعتقال في لوبو، فإنك لن تخرج أبداً».
وفي كانون الاول الماضي، تلقت الأمم المتحدة «تقاريرَ موثوقاً بها» تفيد بأن أكثر من مليون من الإيغور والكازاخيين، والهوى، وغيرهم من الأقليات العرقية قد احتُجزوا داخل هذه المعسكرات.
من هم الايغور؟
والإيغور مسلمون وتعود أصولهم إلى الشعوب التركية (التركستان)، ويعدون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا لأمم آسيا الوسطى، ويشكلون نحو 45 في المئة من سكان شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة.
وظل اقتصاد المنطقة لقرون قائما على الزراعة والتجارة، إذ كانت بعض المدن مثل كاشغار مراكز رئيسية على طريق الحرير الشهير.
وفي أوائل القرن العشرين أعلن الإيغور لفترة وجيزة الاستقلال، ولكن المنطقة خضعت بالكامل لسيطرة الصين الشيوعية عام 1949م، ومنذ ذلك الحين، انتقل عدد كبير من عرقية الهان الصينية إلى الإقليم، فيما تخشى عرقية الإيغور من اندثار ثقافتهم، كما تتمتع شينجيانغ بالحكم الذاتي داخل الصين مثل إقليم التبت في جنوب البلاد.
ويتهم الإيغور السلطات الصينية بممارسة التمييز ضدهم، بينما تقول الصين إن ميليشيات الإيغور تشن حملة عنف تشمل التآمر للقيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مستقلة.
وترصد الحكومة الصينية استثمارات ضخمة في شينجيانغ في مشاريع الصناعة والطاقة بينما يشكو الإيغور من أن عرقية الهان يأخذون وظائفهم كما أن السلطات تصادر مزارعهم من أجل مشروعات التنمية.
ونصت الإجراءات الصينية التي تحولت في مطلع نيسان عام 2017 إلى قوانين على أن الموظفين في الأماكن العامة من بينها المحطات والمطارات سيكون لزاما عليهم منع النساء اللائي يغطين أجسامهن كاملة بما في ذلك وجوههن من الدخول، وإبلاغ الشرطة عنهن،وفي أيلول 2018 أفادت تقارير بأن السلطات الصينية أمرت أقلية الإيغور بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية، وإلا سيواجهون «عقوبة»، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة الإندبندنت البريطانية عن مصادر إيغورية بالمنفى.
وجاء ذلك ضمن قيود جديدة في إقليم شينجيانغ في إطار ما وصفته بكين بحملة ضد التطرف، وشملت الإجراءات منع إطلاق اللحى وارتداء النقاب في الأماكن العامة ومعاقبة من يرفض مشاهدة التلفزيون الرسمي.