بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 نيسان 2020 12:00ص في محراب الجهل... يركعون

حجم الخط
كم هو حزين واقعنا اليوم!!

وكم هو حزين واقع أمتنا العربية والإسلامية!! نتلهّى بالقشور ونغفل عن لبّ الأمور… نعيش أيامنا والشهور والسنين على هامش الزمن بعد أن اضعنا البوصلة... يعاني أبناء جلدتنا من الكبت والقهر والقتل.. وباتت مشاهد المقتولين من الأطفال والنساء والشيوخ مألوفة لدينا.. بلغنا رتبة الإدمان... وأي إدمان!! إنها الهزيمة...

يقال أن الليلة التي ضربت فيها إسرائيل الجيش المصري عام ١٩٦٧، كانت كل الإذاعات تذيع حفل أم كلثوم الشهري... نجحت الحفلة وخسرنا القدس والجولان والضفة الغربية وبضعة آلاف من الرجال وكسبنا عاراً عسكرياً ومذلّة أبدية..

ومنذ زمن غير بعيد انتقلنا إلى مكان آخر بعيد عن ماضينا وعن حضارتنا وعن مقاعد مدرستنا وجامعاتنا.. انتقلنا إلى دنيا الترفيه وليتنا عرفنا كيف نرفّه أنفسنا وعيالنا؟... وكانت الطامة الكبيرة حيث اننا لم نتقن فن الترفيه الذي رسموه لنا... ونسينا ما كنا بالأمس نتقنه من فنون الشهامة والعزّة والحفاظ على الأرض والأعراض.. كالغراب الذي انتقل ليتعلم مشية الحجل فلم يتعلمها ونسي مشيته الأولى..

آلاف المطربين والمطربات لن يشبعوا جائعا.. ولن يخففوا آهات مريض.. أو يبنوا سقفا لمشرّد.. وانه عندما تفرش السجادة الحمراء للمطربات.. وحين يعتبر فوز مغنٍ انتصارا وطنيا ترفع له الرايات.. وحين يكسب مطرب في ليلة بمقدار ما يجنيه معلم طوال عمره.. فإننا أمام أمة مطلوب منها أن تظل راكعة في محراب الجهل والتفاهة والشهوات...

وأمام هذا المشهد الانهزامي لا بد انكم تسألون عن السبب... ألا تلاحظون كيف أننا نحارب أهل الكفاءة ونزرع مكانهم الجهلة من المحظيين والمدعومين؟... نتجاهل أصحاب الكفاءات وأهل الخبرة.. وندفعهم إلى الهجرة واليأس... ونحافظ على الجهلة ممن ولد وبفمه ملعقة من الذهب لأنه ابن فلان وابن علّان؟!

إن الواقع يحتاج الى يقظة ضمير.. إلى اعتماد منهجية تنتج وتصنع الكفاءات وتحافظ عليها وتحتضنها بعد التخرّج وتستفيد منها اجتماعيا ووطنيا.

في مجتمعنا كثيرون من أهل العلم والفهم... واكفياء قادرون على خدمة أهلهم والنهوض بمجتمعاتهم يحتاجون لمن يفسح لهم المجال... إلى فرصة كي يثبتوا مهاراتهم..

لقد آن الأوان كي يتنحّى أهل الجهالة جانبا... وآن الأوان كي يستلم زمام الأمور أهل الكفاءة...

وآن الأوان كي يعلم أولو الأمر انهم يساهمون بعلم وبغير علم في الهزيمة التي نعيش فصولها.. وفي الانحدار الذي ينتظرنا.