بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2020 12:02ص قتلنا الجهل... قبل الكورونا..؟!

حجم الخط
كلما تذكّرت مقولة مالك بن نبي «ألا قاتل الله الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام، لأن جهل العوام بين ظاهر يسهل علاجه، أما الأول فهو متخفٍّ في غرور المتعلّمين»، أدركت أن الجهل المستوطن في مجتمعنا قد قتلنا قبل كورونا بسنوات...؟!

والجهل ليس بالضرورة أميّة... فقد يكون الجاهل حاملا لأعلى الشهادات... وحائزا على أرفع الدرجات.. بل وقد يكون في أعلى الوظائف في مختلف الإدارات.. ولكنه جاهل...؟!

فالجهل أخطر من الأميّة لأنه عبارة عن «جريمة» فهم الإنسان للشيء بخلاف حقيقته، ولذلك قال الحق تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْـجَاهِلِينَ}، وصدّقوني... هذا هو البلاء الحقيقي في بلادنا..؟!

فالجهل في الموروث الفكري الديني الذي «قدّسناه» أكثر من الدين نفسه... هو الذي قتل دورنا وعطاءنا منذ سنوات طويلة..؟!

وهذا الجهل «المقدّس المعشعش» في رؤوس عدد كبير من الدعاة والخطباء والأئمة، هو الذي قتل نقاء فكرنا من سنواتنا...؟!

والجهل المنتشر في المناهج التعليمية في المدارس والجامعات.. هو الذي قتل أبداع شبابنا وشاباتنا...؟!

والجهل المستقر في النظام الاجتماعي في لبنان والأسس الفاسدة التي زرعت في نفوس الناس.. هي التي قتلت صدق الانتماء إلى الوطن وجعلته انتماء إلى الزعيم أو الطائفة أو المذهب..؟!

والجهل في أهمية الكفاءة والعلم... واستبداله بالواسطة والمحسوبيات.. هو الذي قتل أحلام وطموح كل مواطن لبناني وجعل الهجرة حلم حياته..؟!

ثم الجهل في نظرتنا للحياة ومفهومنا للعيش وسوء إدراكنا لحقيقة المطلوب منا.. هو الذي قتل تقدّمنا وجعلنا بلادنا في هذا الدرك الأسفل..؟!

وبعد كل «الجهل المركّب» الذي تقبّلناه وتعايشنا معه وحوّلناه إلى أرضية نعيش علينا... ثم زدنا «الجهل جهلا» فجعلنا كل رفض له «شيطنة منبوذة» لا بد أن تحارب.. يأتي من يقول لك أخاف أن يقتلني فيروس الكورونا...؟!

إننا أيها السادة كلبنانيين ميتون من سنوات طويلة... ولكن للأسف لا نريد أن نعترف..؟!

بل إننا مقتلون «بأيدينا» ومع ذلك - ويا للعجب - نستلذ بهذا القتل ونعتبره من الصالحات..؟!

إن الحقيقة التي تعامينا عنها.. هي أن نفوسنا ميتة... وعقولنا ميتة... وعطاءنا ميت... وتفاعلنا مع حركة الحياة ميت.. وعلاقتنا مع القرآن والسنّة ميتة... وقدرتنا على التغيير الحقيقي ميت.. فعلامَ تخافون من كورونا..؟! 

يا كل مسؤول في بلادنا... لسان المواطن اللبناني اليوم في زمن الكورونا يصرخ ويقول:

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ

فهل سمعت.. أم أن الجهل قد أصابك أيضا بالصمم..؟!

bahaasalam@yahoo.com