بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 تموز 2020 12:00ص قدرة الله آكبر من سطوة الظالمين

حجم الخط
تعلّمنا في كتب الفقه ان الحق حقان اثنان، حق الله تعالى وحق العباد... فأما حق الله فهو قابل للإسقاط - لأن الله غفور رحيم - وأما حق العباد فهو غير قابل للاسقاط... إلا إذا سامح المظلوم وعفا عن الظالم.

وفي هذا السياق يقول الإمام سفيان الثوري رحمه الله: (لأنْ تلقى الله تعالى بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه؛ أهونُ عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد).

ويقول الإمام الشافعي رحمه الله: (بئس الزادُ إلى المَعادِ العدوانُ على العباد).

فلا يجوز لأحد كائناً مَنْ كان أن يظلم الناس، أو يؤذيَهم أو يضرّهم، أو يعتديَ على مصالحهم، أو يمنعَهم حقوقَهم، أو يَبْخَسَهم أشياءَهم، أو يقصّرَ فيما يجب عليه تجاههم. فالخلق خلق الله، وكلهم عبيد الله، وليس له أن يستعبدهم أو يظلمهم. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (متى استعبدتم الناسَ وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)..

والمسلم الحق لا يظلم أحدا ولا يعتدي على أحد لا بلسانه ولا بيده، مهما كانت الأسباب والدواعي والظروف، وهذا ما أكّدَه الرسول صلى الله عليه وسلم حين أخبر عن صفات المسلم الحق بقوله: «المسلم مَن سلم المسلمون مِن لسانه ويده». ويقول صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يَظلمه ولا يُسْلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّجَ عن مسلم كربة، فرّج الله عنه كربة مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلما ستَرَه الله يوم القيامة»..

ويقول المولى تعالى وتبارك فيما يرويه عنه نبيه  صلى الله عليه وسلم: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلَا تَظَالَمُوا». والله تعالى يقول: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. 

وللظلم صور متعددة من ذلك سفكُ الدماء وقتلُ الأبرياء، ومن ذلك ظلم العباد في أموالهم وممتلكاتهم بالنهب والسلب والرشوة والسرقة، وتغيير حدود الأراضي والعقارات؛ وظلمُ اليتامى بالتعدّي على أموالهم وممتلكاتهم ومن الظلم أيضا أن يحلف أحد المتنازعَيْن كذباً وزورا من أجل أن يستولي على مال أخيه ظلما وعدوانا.

وكذلك الغش في المعاملات؛ بتضييع حقوق الناس، وخداعِهم والتحايل عليهم، والتقصير في الواجب نحوَهم. وأيضا ظلم المَدِين لصاحب الدّيْن بتأخير سداد الديْن عن مَوعدِه مع القدرة على سداده في أجَله.

وظلم العباد باللسان، يكون بالكلمات الجارحة السيئة؛ بالافتراء عليهم، واتهامهم بما ليس فيهم، بالغيبة، والنَّمِيمَة، والسب والشتم، والاحتقار، والسخرية، والاستهزاء، والتنابز بالألقاب. وغير ذلك من الكلمات الجارحة المنتنة المحرّمة.

ومن أنواعه أيضا ظلم العُمّال المستأجَرين المستخدَمين؛ بسَلب حقوقهم وتضييعها أو تأخيرها، أو اقتطاع شيءٍ منها، أو التحايُل على إسقاطها، أو تكليفهم بما لا يُطيقونه من الأعمال..

وفي الخلاصة لا بد من مقولة يجب أن يحفظها الجميع عن ظهر قلب، يحفظها الحاكم والمحكوم، والكبير والصغير، والغني والفقير، والوجيه والوضيع، انه إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكّر قدرة الله عليك... والسلام.