بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 كانون الأول 2023 12:00ص كل عام ينتهي... نتراجع معه إلى الوراء..؟!

حجم الخط
ها هو العام 2023 انتهى..
قد انتهى بحلوه وبمرِّه، بأفراحه وبأحزانه.. انتهى وانتهت معه أيام كانت فرصة لنا لنسجل آثارا طيبة في الحياة..
ولكن المجتمع المسلم في بلادنا ما زال بكل أسف يعاني من أزمات دعوية وفكرية واجتماعية وأخلاقية لا يمكن لعاقل أن ينكرها، وهي أزمات تترك آثارها السلبية واضحة على كل معالم الحياة من حولنا.
ففي الشارع... حيث يختلط العامة بالخاصة والقريب بالغريب والمسلم بغير المسلم لم يعد للأخلاق مكانا ولا قيمة ولا وزنا، بل انقلبت الموازين واختلّت القِيَم حتى بات الأصل شاذا والشاذ أصلا...؟!
وفي البيوت... عادت النفوس أنفسها وصار الجفاء سيد الموقف فغابت كل رحمة وكل محبة وتحوّل البيت إلى ما يشبه الفندق، فيه أنفس كثيرة... وروابط قليلة..؟!
وفي الأعمال سادت المصلحة الخاصة على ما عداها، وفي سبيله يؤذي الرجل زميله.. وتنمّ المرأة عن رفيقتها.. ويشي الموظف برئيسه... ويخرب الفاشل صنع المجتهد.. طمعا في ترقية أو تنفيذا لرغبة من بيده تقرير علاوة على الراتب...؟!
وكذلك في الإعلام.. صارت الخلاعة والسفاهة أروج سلعة، وبات التأليب ضد الآخر - أي آخر - هو الهدف المنشود، ومن أجله تدفع الملايين وتجنّد القدرات وتشحذ الهمم ويتجدّد النشاط.
والأسوأ.. أننا في خضم هذا الاعوجاج نرى بعض المدّعين هنا أو هناك يغرّدون في وادٍ آخر... ولا يسمع تغريدهم إلّا آذانهم..؟!
بكل أسف... هذه هي الحقيقة التي نفرّ من الإقرار بها منذ سنوات وسنوات رغم أننا نعيش في خرابها أيضا منذ سنوات وسنوات...
أما الكارثة الكبرى فهي أننا أبعدنا الإسلام عن كل شيء من حولنا، وجعلناه غريبا عن المجتمع... غريبا عن النفوس... غريبا عن كل خطوة من خطوات حياتنا... بل أقول جعلناه غريبا حتى داخل المساجد..؟!، وغربته أننا جعلناه بعيدا عن إمكانية التطبيق ففسدنا في طريقة فهمنا له... وانحرفنا في أسلوب عرضه للناس.. ثم أنتجنا من سوئنا هذا ما يشبه «الدين الجديد» وأسميناه إسلاما... وقدّمناه للناس جميعا دين الكآبة والتعسير والتخلّف والتراجع والجمود والتقليد ورفض الآخر وإنكار الفكر..
والأنكى أننا «توهّمنا» بعد كل هذا «الحَوَل الفكري» أن الناس ستقبل دعوتنا وتصدّق كلامنا فيتحسّن العمل ويتقدّم المجتمع...!!
لا أيها السادة... الإسلام ليس كما تدّعون... ولا كما تفهمون... ولا كما تعملون... ولا كما تروّجون...؟!
الإسلام.. دين الفكر والعقل والتقدّم والرقيّ والحضارة والعلم والعمل المتقن..
الإسلام يريد التفاعل الإيجابي مع كل ما في الكون من جماد ومن نبات ومن حيوان.. فبالله عليكم كيف بمن فيه من البشر...؟!
فأين الدعاة... من مخالطة المثقفين والمبدعين والمبتكرين الذين إن أحسنّا التواصل معهم لتغيّر كثير من أحوالنا...؟!
وأين هم من اللقاءات الدورية بعلماء النفس والاجتماع وبالمتخصصين في مكافحة الإدمان وفي إزالة آثار الاعتداء الجنسي وغيرها من الأمراض التي استقرّت في بلادنا..؟!
وهل مبدأ التعارف الذي أمرنا به الخالق جلّ وعلا إلّا في سبيل استفادة بعضنا من بعضنا..؟!
الإسلام.. دين يريد من أتباعه أن يغتنموا كل الحواس التي أنعم الخالق بها عليهم في سبيل إعمال العقل في خلق الله وتقديم الخير للبشرية جمعاء {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
وما دمنا مبتعدين بكليّتنا عن حسن التفاعل وحسن التعامل وحسن الفهم لهذا الدين العظيم فلن تقوم لنا قائمة مهما ملكنا من مال أو سلطة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
فهل ستشهد السنوات المقبلة ما يعيد لعقولنا احترامها ولأعمالنا رونقها ولمجتمعنا حقوقه ولإيماننا الفهم الصحيح... الأيام وحدها ستثبت ذلك..؟!

bahaasalam@yahoo.com