بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تموز 2018 12:03ص كيف نربِّي أبناءنا على محبة النبي صلى الله عليه وسلم

دعوات لبناء البيوت وفق منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأولها القدوة.. حفاظاً على مستقبل الأجيال؟!

حجم الخط
السنة النبوية منهج وسلوك وعندما نقول منهجا فهي طريقة علمية وأداء سلوكي معين يدفع الفرد ليتبعه معتمداً على عقيدة راسخة وثابتة والسنة النبوية تعلم الأفراد السلوك الرشيد وفقاً لما كان يفعله النبي. ومن هنا تكون السنة مستقاة من القرآن الكريم بأنها تعبر عن سلوك نبوي رشيد وتؤدي إلى صلاح الإنسان وهي تعبر عن الصحة النفسية في أبهى صورها ولعلنا لا نستطيع أن نغفل أن من يتبع سلوك النبي يكون دائماً في الطريق السليم والرشيد. فإذا تكلم فكلامه واضح لا يخدش حياء الآخرين، وإذا تصرف فتصرفه مبني على أسس فكرية ودينية عالية القيمة، وإذا تفاعل فإن تفاعله يعبر عن إخلاصه ويحمله للمسؤولية وإذا عمل عملاً يتقنه تأسياً بالقدوة الصالحة في رسول الله التزاماً بالسنة هو التزام أخلاقي من الدرجة الأولى يدفعنا إلى أن نصل إلى المستوى الذي يريده الله منا لأن من يتبع هدي النبي فهو من يريد أن يكون على صواب وفي صورة مرموقة. 
والصحة النفسية هي توافق الفرد مع نفسه وتعامله مع الآخرين بسلام، ومن يتحرى الرسول فهو الذي يريد لنفسه أن يكون محترماً ودوداً خلوقاً وهو يتعامل مع الآخرين وتلك هي الصحة النفسية الرشيدة.
ولكن في عصر امتلأ بالفتن و المغريات وأحاطت بالأسرة منافذ التشكيك بكل ما هو صحيح بهدف زعزعة المجتمع والمساهمة في انحلاله كيف نربي أطفالنا على حب النبي وحب سنته الشريفة..؟
وكيف نضع أسسا عقدية وحياتية وسلوكية ندعم من خلالها الالتزام الديني والأخلاقي للأبناء ...؟
كيف نعلمه مفهوم الحلال والحرام والصدق والكذب، وكيف نربطه بحب النبي عليه الصلاة والسلام..؟

اللقيس
{ الشيخ غسان اللقيس إمام مدينة جبيل أشار بداية إلى أن مرحلة الطفولة من أدق مراحل حياة الإنسان وأهمها. بل وتشكل البيئة التي يترعرع فيها الطفل بكل مكوناتها وأبعادها. وتعتبر مرحلة الطفولة أيضاً عاملاً أساسياً في تشكيل شخصيته عبر المراحل اللاحقة من حياته. 
ولما كان الإنسان هو اللبنة الأساسية الأولى في بناء الأمة. اقتضى الأمر الاهتمام به ورعايته منذ ولادته وحتى مماته. لاسيما وأن التربية هي عملية مستمرة تلازم الإنسان طوال حياته. 
وقال: لقد ركزت التربية - وفي مختلف الحضارات - على مرحلة الطفولة. لأهميتها في بناء شخصية الفرد. وفي عصرنا الحالي. تتعاظم أمام الطفل المسلم - وفي مختلف بقاع الأرض - تحديات كثيرة. شملت الهوية والثقافة والدين والحرية. بالإضافة إلى تحديات المعرفة والتطور التكنولوجي والتعليم. ورغم أن التربية المعاصرة قد حددت المتطلبات والمعايير والأفكار والافتراضات التربوية لكافة جوانب نمو الطفل. إلا أنها ما زالت تعاني من أوجه قصور عديدة. خاصة فيما يتعلق بتحقيق حالة من التوازن داخل شخصية الطفل. بالإضافة إلى افتقارها إلى الجانب الروحي. الذي يشكل صمام الأمان لتربية الطفل في كافة مراحل نموه. 
وقال: لذا فقد قدمت السنة النبوية المشرفة برنامجاً كاملاً في تربية الأطفال يعتبر بمثابة صمام أمان للطفل منذ ولادته وحتى بلوغه سن الرشد بحيث يحرص على بناء شخصيته. وحمايتها. وتوجيهها. واستثمار طاقات الطفل وقدراته بما يعود عليه وعلى أسرته ووطنه بالفائدة في الحياة الدنيا ورضا الله عنه وعما قدمه لرفاقه بل ووطنه. وفي الآخرة تكون الجنة بإذن الله تعالى مأواه. 
وأضاف: حرصت السنة على مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال لاختلافهم في قدراتهم العقلية. واستعدادهم لإعمال الفكر. ومعدلات نمو ذكائهم. لذا كان علينا كآباء ومربين أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار. فقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يراعي قدرات الطفل العقلية. والجسمية على حد سواء.. فأين نحن الآباء والمربين من سنة النبي  صلى الله عليه وسلم  وأسلوبه في مثل هذا النوع من التربية الإسلامية الواعية..؟
كما حثت السنة النبوية الشريفة على تربية الأطفال على حب الوالدين وطاعتهم. بعد حب الله - سبحانه وتعالى - وحب نبيه. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي  صلى الله عليه وسلم  رأى رجلاً معه غلام. فقال للغلام: من هذا؟! قال أبي. قال: فلا تمش أمامه ولا تستسب له ولا تجلس قبله ولا تدعه باسمه.. فهذا الحديث دال على ضرورة تعليم الأطفال أدب مخاطبة الوالدين والنظر إليهم. 
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «إذا نظر الوالد إلى ولده فسره كان للولد عتق نسمة قيل يا رسول الله وإن نظر ثلاثمائة وستين نظرة؟ قال: الله أكبر.. لذلك علينا أن نكرس مثل هذا السلوك من احترام الوالدين عند الأطفال. بحيث تصبح عادات ثابتة لديهم.. وعلينا أن نكون قدوة لهم بأن نحسن ونحترم ونقدر آباءنا.. في زمن عز فيه عدم احترام الوالدين فضلاً عن عدم احترام غير الوالدين.. فكما تدين تدان. 
وأوضح أن السنة حثت على تعليم الأطفال اللغات المختلفة فعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنه قال: أتى بي لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  مقدمة المدينة فقالوا: يا رسول الله. هذا غلام من بني النجار. وقد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة. فقرأت على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فأعجبه ذلك. قال: يا زيد تعلم لي كتاب اليهود. فإني والله ما آمن يهود على كتابي. فتعلمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذفته. فكنت أكتب لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا كتب. وأقرأ كتابهم إذا كتبوا إليه. وقال زيد أيضاً: قال لي رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «أتحسن السريانية. فإنها تأتيني كتب؟ قلت لا قال: فتعلمها. فتعلمتها في سبعة عشر يوماً». 
ويرى أن السنة النبوية أكدت على تميز شخصية الطفل المسلم عن بقية أطفال الملل الأخرى وبحيث يمتلك خصائص إيمانية. وسلوكية اجتماعية. وأخلاقية. تجعل منه قدوة لأطفال الآخرين. والعمل على فتح آفاق جديدة للباحثين التربويين. لإنعام النظر في أصول التربية الإسلامية ومبادئها بل وعززت السنة النبوية الشريفة من دور الوالدين والمربين. في تطبيق القواعد والنظم والأساليب الشرعية في التربية. وجعلتها أمانة ومسؤولية. يحاسب عليها ولي الأمر أمام ربه يوم القيامة. كما ربطت التربية النبوية أيضاً بين صلاح الفرد والأسرة والمجتمع والأمة. وبينت مستوى التربية التي يتلقاها الطفل في صغره. وأثر ذلك علي قدرته على مواجهة التحديات في كل مكان وزمان. 
كبريت
{ أما الاختصاصية الاجتماعية أماني كبريت فأشارت إلى بعض أساليب ترسيخ القيم والمفاهيم والممارسات السلوكية ومنها التربية بالقدوة، وقالت: فقد أخبرنا الله تعالى بأهمية القدوة والاقتداء بالنبي  صلى الله عليه وسلم  مشددة على أهمية تعليم الأطفال بالملاحظة والتقليد فقد امتدت القدوة في حياة النبي  صلى الله عليه وسلم  لتشمل الأطفال والصبيان. فقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إذا أمر بعمل كان يؤديه أولاً، ثم يطلب من الأطفال والصبيان أن يؤدوه كما لاحظوه. 
وأضافت: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: 
أولا.. اهدم الأسرة، ثانيا.. اهدم التعليم.. ثالثا: إسقاط القدوات... 
وبالتالي من غيّب دور «الأم والأب» ثم دور «المعلم» ثم «العلماء» سقطت «القدوة» فكيف  يتربى النشء على القيم والأخلاق والفضائل؟
وقالت: هذا القدوة الذي هو من أسس التربية النبوية يفيدنا أكثر أن نراه مطبقاً في أعلى صوره لأن ذلك سوف يعطينا فكرة عملية عن المدى الذي يمكن أن يبلغ إليه هذا العنصر لنقيس به جهدنا إليه في كل مرة ونحاول المزيد. 
واختتمت بالقول: إن المعلومات والقواعد التي يتلقاها الأبناء في محاضن التربية وأماكن التعليم تبقى رسوماً جامدة لا حياة فيها ولا حراك فإذا هيأ الله لها من ينفخ فيها روح التطبيق من أب أو أم أو أخ أو أستاذ أو معلم .. علموا أهميتها وتعودوا على تطبيقها في حياتهم.