لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ... هذه هي أنشودة عبادة الحجاج في حرم الله، وبين يدي ربهم وخالقهم، يتذكّرون بأن قدومهم من أربع رياح الأرض على إختلاف لغاتهم وعاداتهم وألوانهم، جاء تلبية للّه وحده لا شريك له دون غيره، للذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد... تلبية لخالق الكون والكائنات، ومانح النعم التي لا تُعدّ ولا تحصى، فله وحده نلبّي، وإليه وحده نخضع.
وهذه التلبية هي في ظاهرها خضوع، ولكنها في الحقيقة عبادة، ولا تكون للبشر... وعجبي من الذين يلبّون للزعماء من البشر يقولون: لبّيك يا فلان، كيف يرضون الخضوع لغير الله، وكيف يرضى زعماؤهم أن يكونوا محل الله في تلبية الناس بين يديهم.
لقد تعلّمنا أن نقول لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ وليس لَبَّيْكَ يا فلان، لأننا علي يقين ان الله الذي خلق الكائنات بما فيها البشر جعل من عبادتنا طريقا الى بناء أنفسنا وبناء مجتمعنا وهذه أولى رسائل عبادة الحج فعندما يفتتح الحجاج عبادتهم بالتلبية للّه (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) ويستكملونها بأداء كافة مناسك الحج فهم ينخرطون بأداء جميع عبادات الإسلام من توحيد وصلاة وصيام وزكاة ويستكملون دراسة عظمة الإسلام في بناء شخصية المسلم وبناء المجتمع الإسلامي.
في عبادة الحج تجديد، وإعادة بناء وتربية وتعليم، وتعويد على تحمّل المشقّات للأمة التائهة المفكّكة التي تجاهلت رسالتها.
وفي عبادة الحج... توحيد للأمة تحت راية الإسلام، وتذكير لها بهذا التوحيد، وهي أيضا تعليم لها بان الطريق الى توحيدها وجمعها ليس غير طريق الله، طريق لبّيك اللهمّ لبّيك.
انه طريق الأمة الوسط خير أمة أخرجت للناس. الأمة التي أكّد الله عليها وألزمها بحمل رسالة الإسلام الى الدنيا، بعزم وقوة ومضاء، لتقوم بدورها في هداية البشرية وإنقاذ العالم وتحرير الدنيا من العبادة لغير الله.
يجب أن ندرك أن أمة موحّدة تعبد ربّاً لا شريك له وتلبّي إليه وحده تتجه جميعها الى قبلة واحدة، كتابها واحد، يقودها منهج ربّاني خالد، مشاعرها واحدة... لو استيقظت ورجعت الى ربها فلن تغلب أبدا بإذن الله ولن تموت أبدا بإذن الله وهذا أمل في الله كبير وهو سبحانه {غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
الشيخ عباس محمد العرب