بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2019 12:02ص ليّ النصوص.. من شِيَم اللصوص..؟!

حجم الخط
في رسالة كتبها في النصف الأول من القرن الماضي الراحل محمد حسين بعنوان «اتجاهات هدّامة في الفكر العربي المعاصر» ذكر أن «الاجتهاد الصحيح لا يضع أمام عينيه رأيا أو نظاما ثم يلوي رقاب النصوص حتى يسوقها إليه..»، إذا ما تلك المحاولات التي تسعى بكل زيف لتحريف النصوص الدينية حتى تكون خادمة لفكر أو لنظام أو لرأي معين... «فليس المطلوب أن نبرّر بالنصوص الإسلامية عوج الحياة بل المطلوب أن نقوّم بها عوج الحياة»..

ونحن بحاجة شديدة لهذا الكلام في أيامنا هذه التي امتلأت للأسف بمن يفتخرون بـ «تحريف الكلم عن مواضعه» خدمة لنظام... أو رأي.. أو اتجاه معين، ثم يحسبون أنهم يحسنون صنعا..؟!

فإني أفتح كتاب الله تعالى وأجد الحق جلّ وعلا قد نهانا عن هذا الذنب العظيم فقال سبحانه: {من الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ}... ثم أنظر إلى حال كثير ممن هم حولنا.. فأجدهم يماثلون هؤلاء في ليّ النصوص والطعن في الدين.. وان كانوا من أبناء جلدتنا..؟!

أقرأ في كتاب الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} ثم أرى من بني قومي من يمارسون هذه الرذيلة فرحين فخورين بها..؟!

لا أتكلم هنا أيها السادة عن تراث ماضٍ سحيق... بل عن كلام حاضر سقيم..

أنا أتحدث عن واقع يحيط بنا ونسمع فيه «فحيح» بعض الشذاذ الذين اتقنوا فنون اللعب بالمعاني والتفسيرات ثم احترفوا «تدوير زوايا النصوص» والهدف... خدمة مصالح من يدعمهم ويزكّيهم ويلبّي مطالبهم...؟!

إن هؤلاء الذين سادوا في أيامنا النحسات... حالهم تماما كحال اللصوص الذين يبحثون عن كل تلاعب متاح لتبرئة أنفسهم من التهم الثابتة عليهم... فهم قد يخدعون الناس بالتبريرات... وقد يقنعون القاضي برأيهم المكّار... ولكنهم رغم ذلك فهم أولا في قرارة أنفسهم... وثانيا في أعين الناس جميعا.. ما زالوا لصوصا متأكّدين من جرمهم..؟!

فما بالكم بمن يتحايل بكلام الله... على خلق الله.. ليناقض مراد الله... ويسيء لدين الله تعالى..؟!

ما بالكم بمن اتخذ آيات الله مسرحا لجرائمه... وساحة لـ «لصوصيته»..؟!

لذلك.. حين قال الحق تبارك وتعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلَالٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} اتبعه بقوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.. فهل هم يفقهون..؟!


أخبار ذات صلة