بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2019 12:05ص مرة أخرى قضية الحج بالتقسيط تنتشر والعلماء بين مؤيِّد ومعارض

مع بدء الاستعدادات للسفر الى الديار المقدَّسة

حجم الخط
في الوقت الذي يستعدُّ فيه حجاج بيت الله الحرام للوقوف بعد أيام قليلة للسفر إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، تعود على الساحة الإسلامية تنافس بعض الجمعيات والشركات لتقديم عروض لتقسيط تكاليف رحلة الحج حيث يدفع الحاج جزءاً من قيمة التكاليف ويسدّد باقي القيمة بعد الحج علي أقساط شهرية مع إضافة هامش ربح عن تلك المدة.. وهو ما يثير التساؤل كثيراً..

فهل مباح شرعا تقسيط فريضة الحج لغير القادرين؟! 

أم أن هذه الفئة ليست مطالبة بالحج طالما لا تمتلك الاستطاعة المادية؟

علماء الأزهر الشريف ناقشوا هذه القضية وانقسمت الآراء بين مؤيّد ومعارض ولكل دليله ومستنده..

علام

{ بداية، أكد د. شوقي علام مفتي مصر على أنه يجوز شرعاً أداء الحج والعمرة بالتقسيط وبالاتفاق المسبق بين الطرفين. موضحاً أن ذلك من قبيل المرابحة المباحة شرعاً ولا تدخل في باب الربا.. فرحلات الحج والعمرة المعمول بها بالشكل القائم حاليا والذي تكون فيه تكاليفها من انتقالات وإقامة ورسوم موانئ وأشباه ذلك محددةً سلفا ويتم الاتفاق فيها بوضوح بين الطرفين - الجهة المتعهدة بالرحلة من جهة والحاج أو المعتمر من جهة أخرى - لا تعدو أن تكون نوعاً من الخدمات التي يجوز التعاقد عليها شرعاً.

كريمة

{ د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فأشار إلى إن من المعلوم أن السلعة سواء كانت عينية أو منافع إذا توسطت بين عوضين «مالين» فلا ربا هذا ما قرره أئمة العلم وأخذت به دار الإفتاء المصرية.. والتقسيط معاملة مالية جائزة في حدود الأركان والشروط المرعية من غير إرهاق ولا غلو في العائد المتحصل مقابل التقسيط ويستأنس لهذا أن الفقه المالكي يرى أن الحج يجب على الفور وليس على التراخي ولو كان بديون يرجى قضاؤها وعلى ضوء ذلك فلا بأس بالحج بنظام التقسيط شريطة المقدرة على السداد أو وجود من يكفل هذا من أولياء المدين حال عجزه أو وفاته.

أما بالنسبة لتحديد مدّة السداد فلا إلزام للشريعة بها بل هي حسب الاتفاق والتراضي بين الطرفين مع مراعاة الرفق بينهما فلا يكلّف الله نفسا إلا وسعها {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}.

أشار إلى أن هناك للأسف فهما قاصرا في تفسير ودلالة {من استطاع إليه سبيلا} فهناك من يسوف ويرجئ مع تمكّنه من الذهاب بوسيلة المواصلات ويجعل هذا طوال العمر ويقدّم أمورا دنيوية ترفيهية وكمالية على الحج ويؤدّيه للأسف في فترة الشيخوخة والمرض ليس على الوجه المنشود أو المأمول ولذلك نرجّح قول المالكية إن الحج يجب على الفور ويستدل بذلك قوله صلى الله عليه وسلم «حجوا قبل ألا تحجوا».

عوضين

{ أما د. محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة والرئيس السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فقال أن الإنسان طالما غير قادر على أداء الفريضة يدخل ذلك في نطاق عدم الاستطاعة الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} .. إذن طالما أن الإنسان غير مستطيع ماديا أو صحيا تم إعفاؤه من أداء هذه الفريضة.

وأضاف أن هناك فرقا بين تحقيق هامش ربح وبين القرض بفائدة حتى لو كانت هذه الفائدة بنسبة قليلة، فالمرابحة لا تطبق في خدمات الحج والإنسان الذي يريد أداء المناسك لا بد أن يكون ماله حلالا وليس مشكوكا فيه فكونه يتحمّل نسبة فائدة على القرض الذي أعطته الجهة الأخرى فهذا ربا لأنه بفوائد ولذلك علينا أن نخرج من هذا الأمر المشكوك في صحته ونؤدّي الفريضة عندما يمتلك الإنسان مالا طيبا لأن الله طيب يحب الطيب.

طه

{ من جهته أكد د. حمدي طه، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الله سبحانه وتعالى عندما قال في كتابه الحكيم {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} ترك السبل مفتوحة للناس للاجتهاد للوصول إلى عرفات فإذا كان الإنسان عنده مال غائب عنه أو كان عنده أمل في أن يصل إليه المال في فترة موقوتة بعد الحج فلا ضير إذا قام بالحج على هذا النحو «بالتقسيط» أما إذا كان الإنسان لا يملك مالا حاضرا ولا غائبا فإن الله سبحانه وتعالى قال {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} .. ويجب أن نعلم بأن الأعمال بالنيّات ولذلك قال الله سبحانه وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم {فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم} فالإنسان إذا نوى الحج واشتاق لأداء الفريضة ولكنه لا يجد سبيلا إلى ذلك فينطبق عليه «إنما الأعمال بالنيات» ولا يجب على الإنسان أن يضيق على نفسه وأهله بأن يؤدي ما لا يستطيع تأديته والخوف في ذلك أن يموت وعليه دين للناس والنبي أخبرنا أن الذي يموت وعليه دين لا يدخل الجنة حتى وإن كان شهيدا.

وقال أن الحج بالتقسيط تيسير للحاج أن يقضي الفريضة طالما أنه قادر على السداد بعد العودة من الرحلة المقدسة فالدين يسر لا عسر ويجب على الإنسان أن يكون على ثقة بربه {إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} وأنا على ثقة في أن الإنسان إذا أنفق في سبيل الله شيئا من ماله فإن الله سيعوّضه عنه {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.