بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 أيلول 2019 12:05ص مع إقتراب بدء العام الدراسي: على كل معلِّم أن يُتقِن عمله... فهو يربِّي قادة الغد

حجم الخط
لا بد بداية وقبل أي شيء.. من توجيه التحية إلى من ينفق من مشاعره وأحاسيسه قبل أن ينفق من أوقاته وينفق من دمه ونفسه أضعاف ما ينفق من تعليمه وتـوجيهاته خاصة ونحن في بداية العام الدراسي...

ولكن مع هذه التحية بعض التوصيات التي لازم علينا توجيهها إلى هؤلاء الأفاضل حرصا على دور الرائد في المجتمع وحرصا على مستقبل أولادنا الذين هم أمانة في أيدي هؤلاء الكرام...

رسالة شريفة

أولا لا بد أن نشير إلى أنه من الضروري أن يعرف كل من يقوم بمهمة التدريس أنه يؤدّي رسالة شريفة مباركة وليس مجرّد وظيفة مقابل أجر..؟!

وهذه الشخصية التي تضع نصب عينيها أن هذه المهنة هي مهنة الأنبياء والرسل وأصحابها هم ورثة الأنبياء وهم الذين يرفعون عن الناس الجهل فينقلونهم من ظلمات الجهالة إلى نور العلم والإيمان والمعرفة, إذا نظرت إلى هذا العمل على أنه رسالة علمت تمام العلم أن الله يجازي عليها أفضل وأعظم من النظرة إليه على أنه أداء لواجب وظيفي يستوي مع واجب أي موظف آخر، وبالتالي إزداد الحرص منها على إتقان العمل والبراعة في أسلوب تأديته...

ثانيا: على المدرّس أن يعلم أن الإسلام بتعاليمه الخالدة والراقية هو الذي يستطيع أن يقوم بعملية إنقاذ المجتمع تربويا واجتماعيا وخلقيا وعلميا، فالمشكلة الآن هي مشكلة الدعاة في كل مجال، فالمعلّم في مدرسته وفي فصله لا بد وأن يكون داعية مخلصا في عمله للّه تعالى وقاصدا رضاه...

ثالثا: نعلم أن المدرّس أو المعلم يعيش ظروفا صعبة، اقتصاديا واجتماعيا، ولذلك نقول إن مهمته عصيبة جداً، ولكنه حامل لواء التنوير والتعليم فعليه بالصبر والاستعانة بالله فإنه تعالى في عليائه وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في جُحرها وحتى الحيتان في البحر يصلّون على معلّم الناس الخير.

الحوت

{ الشيخ د. إبراهيم الحوت قال بالمناسبة: إن طلب العلم وتعلّمه من أعظم الطاعات وأجلّ القربات لما يترتب عليه من الأثر العظيم والنفع الكبير، فبالعلم معرفة التوحيد والإسلام والعقيدة الصحيحة وبه معرفة حق الله وحق رسوله # وحق العبادة، وبه تُعرف الأحكام ويفرّق بين الحلال والحرام وبه يعبد الله على بصيرة، وحاجة الناس إليه أشدّ من حاجتهم إلى الشراب والغذاء والدواء، وبه حياة القلوب وانشراح الصدور والنجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، ويكفي المدرّس شرفا ما قاله بعض السلف: «لا أعلم بعد النبوّة أفضل من مرتبة تعلّم العلم وتعليمه».

فحريّ بنا جميعاً التفقّه في دين الله والتزيّد من ميراث النبوّة ومعرفة الحلال والحرام، وأن نحض أبناءنا على طلب العلم وملازمة حلق العلماء، وأن نعرف للعلماء مكانتهم واحترامهم وتقديرهم.

وتابع: وبعد أيام قلائل يتوجه الطلاب والمدرّسون إلى حقول العلم والمعرفة ليستنيروا بنور العلم، وأنا أوصي كل مدرّس بداية أن يستحضر الإخلاص للّه عزّ وجلّ في عمله، فقد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فالمخلص يصح له عمله ويستشعر عظم المسؤولية الملاقاة على عاتقه فيستشعر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، وقوله #: «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» أخرجه البخاري ومسلم.

وأضاف: وأوصي إخواني المدرّسين بإلتزام الوصف الإسلامي، وأقلّ ما ينتظر من المدرّس أن يكون مظهره إسلامياً وأن يتفق قوله وفعله، فلا يكون فاحشاً في قوله أو طعاناً أو لعاناً بل يكون صادقاً في أقواله، وكذلك ملابسه فلا يكون فيها مخالفة شرعية وكذلك بقية هيئته الخارجية لأنه قدوة.. والقدوة لا بد أن تكون مستشعرة لكل ما تقوم به فإذا عصى الله بمظهره الخارجي كان داعياً للطلاب للإقتداء به في هذه المعصية لقوله #: «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» أخرجه مسلم.

وأردف قائلا: ولكن هنا أيضا أوصي الطلاب بالجدّ والاجتهاد ودفع الكسل واحترام المعلمين، كما أوصي الأهل على غرس احترام المدرّس في نفوس الأبناء حتى لا يتطاول طالب على معلمه أو ابن على أستاذه، فللمعلم مكانة كبيرة في مجتمعنا ولا نرضى أبدا أن يستخفّ بها أحد أو يستهتر بقيمة ما يقدّمه أو يسخر من أقواله أو أفعاله... ورحم الله الإمام الشافعي الذي قال:

اِصبِر عَلى مُرِّ الجَفا مِن مُعَلِّمٍ

     فَإِنَّ رُسوبَ العِلمِ في نَفَراتِهِ

وَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَةً

تَجرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِهِ

وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ

فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعاً لِوَفاتِهِ

وَذاتُ الفَتى وَاللَهِ بِالعِلمِ وَالتُقى

إِذا لَم يَكونا لا اِعتِبارَ لِذاتِهِ