المعلمون حماة الثغور ومربو الأجيال وعمار المدارس..
هم.. المستحقون للأجر وللشكر...
ولذا كان لا بد من توجيه التحية إلى من ينفق من مشاعره وأحاسيسه قبل أن ينفق من أوقاته وينفق من دمه ونفسه أضعاف ما ينفق من تعليمه وتـوجيهاته خاصة ونحن في بداية العام الدراسي....
ولكن مع هذه التحية بعض التوصيات التي لازم علينا توجيهها إلى هؤلاء الأفاضل حرصا على دور الرائد في المجتمع وحرصا على مستقبل أولادنا الذين هم أمانة في أيدي هؤلاء الكرام...
رسالة شريفة
أولا لا بد أن نشير إلى أنه من الضروري أن يعرف كل من يقوم يمهمة التدريس أنه يؤدي رسالة شريفة مباركة وليس مجرد وظيفة مقابل أجر..؟!
وهذه الشخصية التي تضع نصب عينيها أن هذه المهنة هي مهنة الأنبياء والرسل وأصحابها هم ورثة الأنبياء وهم الذين يرفعون عن الناس الجهل فينقلونهم من ظلمات الجهالة إلى نور العلم والإيمان والمعرفة إذا نظرت إلى هذا العمل على أنه رسالة علمت تماما العلم أن الله يجازي عليها أفضل وأعظم من النظرة إليه على أنه أداء لواجب وظيفي يستوي مع واجب أي موظف آخر، وبالتالي إزداد الحرص منها على إتقان العمل والبراعة في أسلوب تأديته...
ثانيا: على المدرس أن يعلم أن الإسلام بتعاليمه الخالدة و الراقية هو الذي يستطيع أن يقوم بعملية إنقاذ المجتمع تربويا واجتماعياً وخلقيا واجتماعيا وعلميا، فالمشكلة الآن هي مشكلة الدعاة في كل مجال ، فالمعلم في مدرسته وفي فصله لابد وأن يكون داعية مخلصا في عمله لله تعالى وقاصدا رضاه...
ثالثا: نعلم أن المدرس أو المعلم يعيش ظروفا صعبة اقتصاديا واجتماعيا، ولذلك نقول إن مهمته عصيبة جداً ولكنك حامل لواء التنوير والتعليم فاصبر واستعن بالله فإنه تعالى في عليائه وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحيتان في البحر يصلون على معلم الناس الخير».
الحوت
{ الشيخ إبراهيم الحوت قال بداية: إن طلب العلم وتعلمه من أعظم الطاعات وأجل القربات لما يترتب عليه من الأثر العظيم والنفع الكبير فبالعلم معرفة التوحيد والإسلام والعقيدة الصحيحة وبه معرفة حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم وحق عبادة، وبه تعرف الأحكام ويفرق بين الحلال والحرام وبه يعبد الله على بصيرة، وحاجة الناس إليه أشد من حاجتهم إلى الشراب والغذاء والدواء، وبه حياة القلوب وانشراح الصدور والنجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، ويكفي المدرس شرفا ما قاله بعض السلف: «لا أعلم بعد النبوة أفضل من مرتبة تعلم العلم وتعليمه».
فحري بنا جميعاً التفقه في دين الله والتزود من ميراث النبوة ومعرفة الحلال والحرام، وأن نحث أبناءنا على طلب العلم وملازمة حلقات العلماء ،وأن نعرف للعلماء مكانتهم واحترامهم وتقديرهم.
وتابع: وبعد أيام قلائل يتوجه الطلاب والمدرسون إلى حقول العلم والمعرفة ليستنيروا بنور العلم وأنا أوصي كل مدرس بداية أن يستحضر الإخلاص لله عز و جل في عمله، فقد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فالمخلص يصح له عمله ويستشعر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه فيستشعر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، وقوله صلى الله عليه وسلم : «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» أخرجه البخاري ومسلم.
وأضاف: وأوصي إخواني المدرسين بالتزام الوصف الإسلامي، وأقل ما ينتظر من المدرس أن يكون مظهره إسلامياً وان يتفق قوله وفعله، فلا يكون فاحشاً في قوله أو طعاناً أو لعاناً بل يكون صادقاً في أقواله، وكذلك ملابسه فلا يكون فيها مخافة شرعية وكذلك بقية هيئته الخارجية لأنه قدوة.. والقدوة لا بد أن تكون مستشعرة لكل ما تقوم به فإذا عصى الله بمظهره الخارجي كان داعياً للطلاب للإقتداء به في هذه المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم : «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» أخرجه مسلم.
وأردف قائلا: ولكن هنا أيضا أوصي الطلاب بالجد والاجتهاد ودفع الكسل واحترام المعلمين، كما أوصي الأهل على غرس احترام المدرس في نفوس الأبناء حتى لا يتطاول طالب على معلمه أو ابن على أستاذه، فللمعلم مكانة كبيرة في مجتمعنا ولا نرضى أبدا أن يستخف بها أحد أو يستهتر بقيمة ما يقدمه أو يسخر من أقواله أو أفعاله... ورحم الله الإمام الشافعي الذي قال:
«اصبر على مر الجفا من معلمٍ
فإن رسوب العلم في نفراتـه
ومن لم يذق مر التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعلم وقت شبابـه فكبر عليـه اربعـاً لوفاتـه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاتـه
بخاري
{ أما الشيخ هشام بخاري فقال مخاطبا المعلمين مع بداية العام الدراسي:
أيها المعلم... بداية نقول لك أنت مؤتمن على طلابنا وعلى أبنائنا، أي أنك أنت من تغذي لهم العقول وترقق قلوبهم وتؤثر على تصرفات جوانحهم وجوارحهم، وبالتالي أنت المؤتمن على مستقبل وطننا وعلى مستقبل علمنا وعلى نظافة وطننا الحسي والمعنوي، ولذلك اسمح لي أيها المعلم والمدير والمدرس أن أقول لك فلتنوِ العبادة إذ تعلم.. نعم.. انوِ العبادة في تعليمك طلابك وفي توجيهك طلابك، فورب العزة إنها – أي التعليم – لأعظم عبادة، فقد جاء في صحيح الإمام مسلم أن رسولنا عليه الصلاة والسلام قال : «من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله» وهل هناك من خير أفضل من العلم»....
وقال: وأقول لك ونحن في مطلع العام الدراسي.. أعطِ الدرس حقه فنحن نشكو من مدرسين ومعلمين لا يعطون الدرس حقه ولا التوجيه حقه ولا الإدارة حقها علما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه «.. فكم نشكو نحن من معلمين يقضون ساعة الدرس في غير ما وُكِل إليهم فيقدمون للطالب ما لم يطلب منهم أن يقدموه حتى وإن كان هذا الذي يقدمونه نافعاً، لكنك مؤتمن على إعطاء درس في الفيزياء مثلاً إذا كنت مدرس فيزياء فلا تتجاوز ما اؤتمنت عليه إلى ما لم يطلب منك؟!؟.
وأضاف: وأيضا أقول لك أيها المدرس.. اجعل العلاقة بينك وبين طلابك علاقة رحمة «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، فالرحمة هي الجسر الذي يجب أن يبنى بينك وبين طلابك.. وإياك أن تتكبر عليهم أو تعاملهم بغرور وتعال، ولكن ضع في نفسك دوما أن الإنسان مهما بلغ في العلم فهو ما زال طالب علم، والله تعالى يقول {وقل رب زدني علماً}.
وتابع ناصحا المعلمين: «ومن المهم جدا في عصرنا الحالي أن يكون المدرس متابعا لتحصيله العلمي وأن لا يقف عند حدود الشهادة التي حصل عليها سابقا، لأنني فعلا أرى من المدرسين من يكررون المعلومات كل سنة ثم يسأمون وييأسون، فيهملون التحضير الجيد ويهجرون المراجع والمصادر، وتكون النتيجة أن يحرم الطلاب من حق واجب لهم وهو التعليم الجيد والصحيح...».
واختتم: «أيها المدرس في كل مدرسة أو معهد أو جامعة... طلابنا أمانة في أعناقكم فلا تجعلوا مغريات الحياة التي تحيط بنا تلفت طالبنا عن طلب العلم وعن تعلم العلم، وهنا أناشد وسائل الإعلام في بلادنا وأقول لهم ليكن الإعلام خيراً فوطننا بحاجة إلى كل خير ، ولتتكاتف الجهود لنخرج طلاباً يبنون الوطن ويحفظونه ويراعونه ويكونون عليه أمناء وله أوفياء... لا نريد إعلاما خارجا عن الاخلاق، ولكن نريده عونا للبيت في التربية وسندا للمدرسة في التعليم وليس هداما لما يبنيه البيت والمدرسة في نفوس الطلاب من قيم وأخلاق ومبادئ وفضائل....»