بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2023 12:00ص مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف.. الدعاة: الاحتفال الأمثل هو بحسن اتباعه والسير على سنّته الشريفة

الشيخ د. خليل شعراوي الشيخ د. خليل شعراوي
حجم الخط
الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون اهتداء بهديه وتحلّياً بأخلاقه الكريمة التي نحن في أمسّ الحاجة إليها اليوم، فعلينا أن نستلهم من سيرته العطرة ما يعيننا على العبور بسلام من تلك المرحلة الدقيقة في تاريخنا، ونتلمّس من سبل الهداية في منهجه الحكيم ما يعالج مشكلات واقعنا وقضايانا المعاصرة، وبيان موقف الإسلام من الجرائم التي ترتكب من بعض أتباعه، وبراءته من كل ما يهدّد أمن وأمان البشرية جمعاء وليس المسلمين فقط.
فماذا يقول الدعاة في هذه المناسبة..؟

شعراوي

بداية قال الشيخ د. خليل شعراوي: إنَّ ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم  هي ذكرى ولادة العزَّة لهذه الأمَّة، فذكرى ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم  هي ذكرى التشريع وذكرى السلوك، وذكرى الصور والحقائق، وهي ذكرى لكل عاقل على وجه البسيطة.
فذكرى ولادته صلى الله عليه وسلم بداية تحوّل الكون مما كان إلى ما سيكون، فهذه الذكرى ليست كغيرها.
فبولادته صلى الله عليه وسلم ارتجّ إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، فكان هذا إشارة أن الحق سيمحو كل باطل لا محالة.
وبولادته صلى الله عليه وسلم ابتدأت الأسوة قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}..
وبولادته ابتدأت النهاية لهذا العالم فهو خاتم الأنبياء والرسول فقد قال صلى الله عليه وسلم : «لا نبي بعدي».
وبولادته صلى الله عليه وسلم ختمت الشرائع، فشريعة الإسلام هي الشريعة الحاكمة إلى قيام الساعة.
وبولادته صلى الله عليه وسلم كشفت الحقيقة التي يبتغيها كل سالك ولا يزيغ عنها إلّا هالك.
فذكرى ولادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  هي البشرى بأن الكون استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض.
فذكرى ولادته صلى الله عليه وسلم هي إكسير الحياة التي يعيش به العقلاء المؤمنون في هذه الحياة حتى لقاء الله تعالى.
فذكرى الولادة هي الولادة لكل متذكّر متفكّر معتبر.
فاللهم انفعنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم  علماً وعملاً، قولاً وفعلاً، ظاهراً وباطناً.

العرب

أما إمام وخطيب المركز الإسلامي في سبنيه بعبدا الشيخ حسن محمود العرب فقال بدوره: نعيش في هذه الأيام ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم  الذي اصطفاه الله تعالى من أكرم الناس نسبا، وأعظمهم أصلا، وخيرهم بيتا، قال صلى الله عليه وسلم : «إن الله اختار من العرب مضر، ثم اختار من مضر قريشا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار» [رواه البيهقي].
فكان صلى الله عليه وسلم بحق خيرا لأمته وللإنسانية، فما من خير يقرّبنا من الجنة إلّا وأرشدنا إليه، وما من شر يقرّبنا من النار إلّا وحذّرنا منه.
وأضاف: وهذه بعض شمائله الشريفة صلى الله عليه وسلم  لنقتدي به في حياتنا، فقد كان صلى الله عليه وسلم كثير التعبّد لربه، وكانت الصلاة قرّة عينه، يقوم من الليل يناجي ربه عزّ وجلّ بصوت جميل، قال البراء بن عازب رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم  يقرأ (والتين والزيتون) في العشاء، وما سمعت أحدا أحسن صوتا منه أو قراءة [رواه البخاري].
وكان صلى الله عليه وسلم ودودا مع أهله، جميلا في معشره، فإذا دخل بيته يكون في مهنة أهله، رقيقا مع أولاده وأحفاده، فقد صلّى بالناس وأمامة بنت ابنته زينب على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها [رواه البخاري].
ومن شمائله الشريفة صلى الله عليه وسلم  أنه كان متواضعا، يترفّق بالصغير، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  صلاة الأولى ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدّي أحدهم واحدا واحدا، وأما أنا فمسح خدي، فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جؤنة عطار [رواه مسلم].
وقال: وقد كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس عشرة، وأسمحهم نفسا، وألينهم عريكة، وأجودهم يدا، وأبسطهم كفّا، شديد الحياء، واسع الصدر، يعطي من يسأله، ويحلم على من يجهل عليه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم  قد أثرت بها حاشية البرد من شدّة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم  ثم ضحك ثم أمر له بعطاء [رواه البخاري].
وكان صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذكر الله، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي إليه المجلس، ويعطي كل واحد من جلسائه نصيبه، ومن جالسه صلى الله عليه وسلم لحاجة صبر عليه حتى ينصرف صاحب الحاجة، ومن سأله حاجة لا يردّه إلّا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس علم وحلم وحياء وصبر وأمانة، وكان صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان صلى الله عليه وسلم عظيم العفو، كثير المعروف، يعزُّ عليه عناء أمته في الحياة وبعد الممات، قال الله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:١٢٨] حتى إنه صلى الله عليه وسلم ادّخر دعوته المستجابة لأمته يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجّل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» [رواه مسلم].
واختتم بالقول: وما أجمل أن نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم  ونقتدي به، ونتمثّل سيرته في كل جوانب حياتنا، وأن نرسّخ أخلاقه في أبنائنا ونحبه ونحب آل بيته وأصحابه، ونكثر من الصلاة والسلام عليه، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت». قلت: الربع. قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك». قلت: النصف. قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك». قلت: فالثلثين. قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك». قلت: أجعل لك صلاتي كلها. قال: «إذاً تكفى همّك، ويغفر لك ذنبك» [رواه الترمذي].